للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن جابر بن عبد الله: فكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد خبأ إليها يستتر بها من الناس بايعناه على ألا نفرّ، ولم نبايعه على الموت [ (١) ] .

وفيه- أيضا- عنه: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي- صلى الله عليه وسلم- يبايع الناس وأنا رافع غصن من أغصانها عن رأسه ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على ألا نفرّ.

وروى الطبراني عن ابن عمر، والبيهقي عن الشعبي، وابن منده عن زر بن حبيش قالوا: لمّا دعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي، فقال:

ابسط يدك أبايعك، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «علام تبايعني» قال: على ما في نفسك. زاد ابن عمر: فقال النبي: وما في نفسي؟ قال: أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل.

فبايعه، وبايعه الناس على بيعة أبي سنان [ (٢) ] .

وروى البيهقي عن أنس وابن إسحاق عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: لما أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ببيعة الرّضوان كان بعث عثمان- رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «اللهم إنّ عثمان في حاجتك وحاجة رسولك، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم

[ (٣) ] .

وروى البخاري وابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن قال: انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلّون فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بيعة الرضوان.

فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد: حدّثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة، فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إنّ أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم. [ (٤) ]

وروى ابن سعد بسند جيد عن نافع قال: خرج قوم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك بأعوام فما عرف أحد منهم الشجرة، واختلفوا فيها. قال ابن عمر: كانت رحمة من الله.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف وابن سعد عن نافع قال: بلغ عمر بن الخطاب أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فيصلّون عندها فتوعّدهم، ثم أمر فقطعت.

وروى البخاري وابن مردويه عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيّب: كم كان الذين


[ (١) ] أخرجه مسلم ٣/ ١٤٨٣ (٢٦٧، ٦٩/ ١٨٥٦) .
[ (٢) ] أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٨٧، ٦٠٠ وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٧٤.
[ (٣) ] أخرجه الدولابي من الكنى ١/ ١٣٣، والطبراني في الكبير ١/ ٤١ وابن أبي شيبة ١٢/ ٤٦ والحاكم ٣/ ٩٨ وانظر الدر المنثور ٦/ ٧٤.
[ (٤) ] أخرجه البخاري ٧/ ٥١٢ (٤١٦٣) .