فزعم رجال من بني زريق إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لما أعطى فرس أبي عيّاش معاذ بن ماعص وكان ثامنا، أو عائذ- بالتحتية والمعجمة ابن ماعص بعين مكسورة فصاد مهملتين.
وذكر الطبري أن معاذ بن ماعص وأخاه قتلا يوم بئر معونة شهيدين كما سيأتي في السرايا، وبعض النّاس يعد سلمة بن الأكوع أحد الثمانية ويسقط أسيد بن ظهير- والله أعلم أي ذلك كان، فخرج الفرسان حتّى تلاحقوا، وكان أول من لحق بالقوم محرز بن نضلة، وكان يقال له الأخرم بخاء معجمة ساكنة وراء، ويقال له قمير- بضم القاف وفتح الميم.
وإنّ الفزع لمّا كان جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط حين سمع صاهلة الخيل وكان فرسا صنيعا جامحا، فقال نساء من نساء بني عبد الأشهل- حين رأين الفرس يجول في الحائط بجذع نخل هو مربوط به: يا قمير هل لك في أن تركب هذا الفرس؟ فإنه كما ترى، ثم تلحق برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبالمسلمين؟ قال: نعم، فأعطيته إيّاه، فخرج عليه، فلم يلبث أن بذّ الخيل بجماحة حتى أدرك القوم، فوقف بين أيديهم، ثم قال: قفوا يا معشر بني اللّكيعة حتّى يلحق بكم من وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار، فحمل عليه رجل منهم فقتله، وجال الفرس فلم يقدر عليه حتى وقف على آريّة في بني عبد الأشهل.
قال سلمة بن الأكوع: فما برحت من مكاني حتّى رأيت فوارس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتخلّلون الشّجر، فإذا أوّلهم الأخرم الأسدي، وعلى أثره أبو قتادة، وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي، فولى المشركون مدبرين، قال سلمة: فنزلت من الجبل، وأخذت بعنان فرس الأخرم، وقلت: يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتّى يلحق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، قال: يا سلمة، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أنّ الجنّة حقّ والنّار حق، فلا تحل بيني وبين الشّهادة. فخلّيته، فالتقى هو وعبد الرحمن بن عيينة فعثر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله. وتحوّل على فرسه، ولحق أبو قتادة فارس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين، فعقر بأبي قتادة، وقتله أبو قتادة، وتحول أبو قتادة إلى الفرس.
وروى محمد بن عمر عن صالح بن كيسان، قال محرز بن نضلة قبل أن يلقى العدوّ بيوم: رأيت السّماء فرجت لي حتى دخلت في السماء الدنيا، حتى انتهيت إلى السماء السابعة، ثم انتهيت إلى سدرة المنتهى، فقيل لي: هذا منزلك، فعرضتها على أبي بكر الصّديق- وكان من أعبر النّاس- فقال: أبشر بالشهادة. فقتل بعد ذلك بيوم.
قال سلمة: ثم خرجت أعدو في أثر القوم فو الذي أكرم وجهه حتى ما أرى من ورائي من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا غبارهم شيئا، ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد، فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه، وأسندوا في