للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سلمة: ولحقني عمّي بسطيحة فيها مذقة من لبن، وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت.

وروى ابن سعد عنه قال: لحقنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والخيول عشاء انتهى.

قال سلمة: فأتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو على الماء الذي أجليتهم عنه، فإذا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قد أخذ تلك الإبل، وكلّ ما قد استنقذته من المشركين، وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل التي استنقذت من القوم، وشوى لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سنامها وكبدها فقلت: يا رسول الله!! قد حميت القوم الماء، وهم عطاش خلفي، فانتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى مخبر إلا قتلته. فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه في ضوء النّار، وقال: «يا سلمة أتراك كنت فاعلا؟» قلت: نعم. والذي أكرمك. فقال: «ملكت فأسجح، إنهم ليغبقون» [ (١) ] وفي لفظ ليقّرون في أرض غطفان» ،

فجاء رجل من غطفان وقال:

نحر لهم فلان جزورا، فلما كشطوا جلدها رأوا غبارا، قالوا: أتاكم القوم، فخرجوا هاربين.

قال ابن إسحاق: وقسّم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أصحابه في كل مائة جزورا.

وأقام- صلى الله عليه وسلّم- بذي قرد يوما وليلة يتحسّب الخبر.

وفي حديث سلمة أنهم كانوا خمسمائة.

قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد: ويقال سبعمائة، وبعث سعد بن عبادة- رضي الله عنه- بأحمال تمر، وبعشر جزائر فوافت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذي قرد،

قال سلمة: فلمّا أصبحنا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجّالتنا سلمة»

[ (٢) ] .

ثم أعطاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سهم الفارس والراجل فجمعهما لي جميعا، ثم أردفني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، فلما كان بينها وبينه قريب من ضحوة، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق، فجعل ينادي: هل من يسابق؟ إليّ رجل يسابق إلى المدينة، فعل ذلك مرارا،

وأنا وراء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مردفي، قلت له: أما تكرم كريما، ولا تهاب شريفا؟ قال: لا، إلا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي خلّني فلأسابق الرّجل، قال: «إن شئت» قلت: أذهب، فطفر عن راحلته، وثنيت رجلي، فطفرت عن الناقة، ثم ارتبطت عليه شرفا أو شرفين، يعني استبقيت نفسي، ثمّ عدوت حتّى ألحقه، فأصكّ بين كتفيه بيدي، وقلت: سبقتك والله، فضحك وقال: والله إن أظن، فسبقته حتى قدمنا المدينة، فلم نلبث إلا ثلاثا حتى خرجنا إلى خيبر.


[ (١) ] الغبوق ما يشرب بالعشي، انظر المعجم الوسيط ٢/ ٦٤٩.
[ (٢) ] ذكره ابن عساكر في تهذيب دمشق ٦٠/ ٢٣٢.