للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزن جعفر- بسند صحيح أنه كان لأبي الشّحم اليهودي خمسة دراهم، ولفظ الطبراني: أربعة دراهم في شعير أخذه لأهله فلزمه. فقال: أجّلني فإني أرجو أن أقدم عليك فأقضيك حقّك إن شاء الله، قد وعد الله- تعالى- نبيه أن يغنمه خيبر، فقال أبو الشّحم حسدا وبغيا: أتحسبون أنّ قتال خيابر مثل ما تلقون من الأعراب، فيها- والتّوراة- عشرة آلاف مقاتل،

وترافعا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم: «أعطه حقّه» قال عبد الله: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها قال: أعطه حقه. قال وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إذا قال ثلاثا لم يراجع.

قال عبد الله: فخرجت فبعت أحدا ثوبي بثلاثة دراهم، وطلبت بقية حقّه فدفعت إليه ولبست ثوبي الآخر. وأعطاني ابن أسلم بن حريش بفتح الحاء وكسر الراء وبالشين المعجمة ثوبا آخر [ (١) ] .

ولفظ الطّبراني: فخرج به ابن أبي حدرد إلى السّوق وعلى رأسه عصابة وهو يأتزر بمئزر، فنزع العمامة عن رأسه فأتزر بها، ونزع البردة فقال: اشتر منّي هذه، فباعها منه بالدراهم فمرتّ عجوز فقالت: مالك يا صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فأخبرها، فقالت: هادونك هذا البرد، فطرحته عليه، فخرجت في ثوبين مع المسلمين، ونفلني الله- تعالى- من خيبر، وغنمت امرأة بينها وبين أبي الشحم قرابة، فبعتها منه.

وجاء أبو عبس- بموحدة- ابن جبر- بفتح الجيم وسكون الموحدة، فقال يا رسول الله ما عندي نفقة ولا زاد ولا ثوب أخرج فيه، فأعطاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شقة سنبلانيّة: جنس من الغليظ شبيه بالكرباس.

قال سلمة: خرجنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع ألا تسمعنا من هنيهاتك وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول:

اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا

فاغفر فداء لك ما اتّقينا ... وألقين سكينة علينا

وثبّت الأقدام إن لاقينا ... إنّا إذا صيح بنا أتينا

وبالصّياح عوّلوا علينا

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من هذا السّائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع قال: «يرحمه الله» وفي رواية «غفر لك ربك» .

قال: وما استغفر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لإنسان يخصّه إلّا استشهد.

فقال عمر- وهو على جمل: وجبت يا رسول الله: لولا أمتعتنا بعامر [ (٢) ] .


[ (١) ] أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤٢٣ والطبراني في الصغير (٢٣٤) وانظر المجمع ٤/ ١٢٩ وقال رجاله ثقات إلا إن محمد بن أبي يحيى لم أجد له رواية عن الصحابة فيكون مرسلا صحيحا.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٧/ ٥٣٠ (٤١٩٦) وأخرجه مسلم ٣/ ١٤٢٧ (١٢٣/ ١٨٠٢) ، والبيهقي في الدلائل ٤/ ٢٠١.