للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقّك ونصرك، وعلى هذا فقوله: «اللهم» لم يقصد به الدعاء، وإنما افتتح بها الكلام، والمخاطب بقوله: لولا أنت النبي- صلى الله عليه وسلّم- ويعكر عليه قوله بعد ذلك: فأنزلن سكينة علينا:

وثبت الأقدام إن لاقينا، فإنه دعاء لله، ويحتمل أن يكون المعنى، فاسأل ربك أن ينزل ويثبت.

السادس: في بيان الروايات التي وردت في هذا الرجز ومعانيها.

وما اتّقينا بتشديد الفوقية بعدها قاف، أي، ما تركنا من الأوامر، «وما» ظرفية، وللأصيلي والنسفي من رواية الصحيح بهمزة قطع، فموحدة ساكنة، أي ما خلفنا وراءنا مما كسبناه من الآثام، أو ما أبقينا وراءنا من الذنوب، فلم نتب منه وللقابسي: ما لقينا بلام وكسر القاف، أي ما وجدنا من المناهي. ووقع في الأدب ما اقتفينا بقاف ساكنة، ففوقية، وفاء مفتوحتين، فتحتية ساكنة، أي اتّبعنا من الخطايا، من قفوت الأثر إذا تبعته، وكذا عند مسلم، وهو أشهر الروايات في هذا الرجز.

ألقين سكينة علينا. وفي رواية النسفي و «ألقي» بحذف النون، وبزيادة ألف ولام في السكينة بغير تنوين، وليس بموزون السكينة: الوقار، والتثبت.

أتينا: بفوقية: أي جئنا إذا دعينا إلى القتال أو الحق، وروي بالموحدة أي إذا دعينا إلى غير الحق امتنعنا وبالصياح عوّلوا علينا: أي قصدونا بالدعاء والصوت العالي، واستعانوا علينا، يقال:

عولت على فلان وعولت بفلان.

السابع: أختلف في فتح خيبر، هل كان عنوة أو صلحا، وفي حديث عبد العزيز بن صهيب عند البخاري في الصلاة: التصريح بأنه كان عنوة، وبه جزم أبو عمر، وردّ على من قال فتحت صلحا، قال: وإنما دخلت الشّبهة على من قال فتحت صلحا، بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم، وهو ضرب من الصلح، لكنه لم يقع ذلك إلّا بحصار، وقتال، قال الحافظ- رحمه الله تعالى: والذي يظهر أنّ الشبهة في ذلك قول ابن عمر: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- قاتل أهل خيبر، فغلب على النخل فصالحوه على أن يجلوا منها وله الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على ألا يكتموا ولا يغيبوا الحديث. وفي آخره:

فسبى نساءهم وذراريهم، وقسّم أموالهم للنكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم، فقالوا: دعنا في هذه الأرض نصلحها.. الحديث، ورواه أبو داود والبيهقي وغيرهما، وكذلك أخرجه أبو الأسود في المغازي عن عروة. فعلى هذا كان وقع الصلح، ثم حصل النقض منهم فزال أمر الصلح، ثم منّ عليهم بترك القتل وإبقائهم عمّالا بالأرض، ليس لهم فيها ملك، ولذلك