للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر أن البخاري ذكر ذلك في أحد تواريخه فتراجع، ولم أقف الآن فيها إلا على ربع التاريخ الكبير ولم يصل إلى حرف الغين المعجمة. ولم أر من حرّر هذا الموضع. ويحتمل إن صح إسلامه أن يكون أسلم في غير هذا اليوم ووقع للحافظ في الفتح في إسلام غورث كلام غير محرر يأتي الكلام عليه في الحادي عشر.

التاسع: قول غورث للنبي- صلى الله عليه وسلم- من يمنعك منّي على سبيل الاستفهام الإنكاري، أي لا يمنعك منّي أحد لأن الأعرابي كان قائما بالسيف على رأس رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- والسيف في يد الأعرابي والنبي- صلى الله عليه وسلم- جالس لا سيف معه، ويؤخذ من مراجعة الأعرابي في الكلام أن الله- سبحانه وتعالى- منع نبيّه منه، وإلا فما الذي أحوجه إلى مراجعته وتكرارها ثلاث مرات كما عند البخاري في الجهاد، مع احتياج غورث إلى الحظوة عند قومه بقتله، وفي قول النبي- صلى الله عليه وسلم- في جوابه: «الله يمنعني منك» إشارة إلى ذلك، ولذلك أعاده الأعرابي فلم يزده على ذلك الجواب غاية الثبات للنبي- صلى الله عليه وسلم- وعدم مبالاته به أصلا.

العاشر: في رواية يحيى بن أبي كثير: فتهدّده أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال الحافظ- رحمه الله تعالى- فظاهرها مشعر بأنهم حضروا القصة وأنه إنما رجع عما كان عزم عليه بالتهديد، وليس كذلك، بل وقع في رواية إبراهيم بن سعد في الجهاد بعد قوله: قلت الله!! فشام السّيف أي أغمده، وكان الأعرابي لما شاهد ذلك الثّبات العظيم وعرف أنه حيل بينه وبينه، تحقق صدقه، وعلم أنه لا يصل إليه ألقى السلاح، وأمكن من نفسه.

الحادي عشر:

في حديث جابر فإذا هو جالس، ووقع في رواية ابن إسحاق بعد قوله: «قال الله» فدفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده فأخذه النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: من يمنعك أنت مني؟ قال: لا أحد، قال: قم فاذهب لشأنك، فلما ولى قال: أنت خير مني.

ويجمع بين ما في الصحيح وبين ما ذكره ابن إسحاق من قوله: «فاذهب» أنه بعد ما أخبر أصحابه بقصته، ولشدة رغبته- صلى الله عليه وسلّم- في ائتلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام، لم يؤاخذه وعفا عنه. قال الحافظ: وقد ذكر الواقدي في نحو هذه القصة أنه أسلم، وأنه رجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير، ووقع في رواية ابن إسحاق- التي أشرت إليها- ثم أسلم ... بعد.

قلت: وعلى الحافظ في هذا الكلام مؤاخذات.

الأولى: قوله «ووقع» في رواية ابن إسحاق بعد قوله «فدفع جبريل في صدره» صوابه:

وقع عند الواقدي، لابن إسحاق، فإن ابن إسحاق لم يذكر ذلك أصلا.

الثانية: أن الواقدي، إنما ذكر ذلك في غزوة غطفان التي تعرف بذي أمر لا في ذات الرّقاع، وسمّى الرّجل دعثورا.