١٩٤] ورواه عبد بن حميد بسند صحيح عن مجاهد، وبه جزم سليمان التيمي في مغازيه وهذه الآية نزلت فيها كما تقدم.
ويقال لها: عمرة القضاء، واختلف في تسميتها بذلك، فقال السّهيلي: لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قاضى قريشا عليها. لأنه قضى العمرة الّتي صدّ عن البيت فيها، فإنها لم تكن فسدت بصدّهم له عن البيت، بل كانت عمرة تامّة متقبلة، حتّى إنهم حين حلقوا شعورهم بالحلّ احتملتها الريح فألقتها بالحرم، فهي معدودة في عمر النبي- صلى الله عليه وسلم- زاد القاضي: فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الصّلح، ولذلك يقال لها عمرة القضية.
قال أهل اللغة: قاضى فلان فلانا: عاهده، وقاضاه: عاوضه، فيحتمل تسميتها بالأمرين، ويرجح الثاني تسميتها قصاصا.
وقال آخرون: بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعدّ عمرة الحديبية في العمر لثبوت الأجر فيها لا لأنّها كملت، وهذا خلاف مبني على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر فصدّ عن البيت. فقال الجمهور: يجب عليه الهدي، ولا قضاء عليه.
وعن الإمام أبي حنيفة- رحمه الله- تعالى- عكسه، وعن الإمام أحمد رواية: أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء وأخرى أنه يلزمه الهدي والقضاء، وبيان حجج كلّ ليس من غرضنا.
وقال ابن إسحاق: تسمّى أيضا عمرة الصّلح اه.
فتحصّل من أسمائها أربعة: القضاء، والقضيّة، والقصاص والصّلح.
الثاني: وجهوا كون هذه العمرة غزوة بأن موسى بن عقبة ذكر في المغازي عن ابن شهاب أنه- صلى الله عليه وسلم- خرج مستعدّا بالسّلاح والمقاتلة خشية أن يقع من قريش غدر، ولا يلزم من إطلاق الغزوة وقوع المقاتلة.
وقال ابن الأثير- رحمه الله تعالى- في الجامع: هذه العمرة ليست من الغزوات، وذكرها البخاري في الغزوات حيث تضمنت ذكر المصالحة مع المشركين.
الثالث: قال ابن هشام- رحمه الله تعالى- قوله:«نحن قتلناكم على تأويله» إلى آخر الأبيات لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم، قال السّهيلي: يعني يوم صفين. قال ابن هشام:
والدليل على ذلك أنّ ابن رواحة إنما أراد المشركين، والمشركون لم يقرّوا بالتنزيل، وإنّما يقاتل على التأويل من أقرّ بالتنزل. قال في البداية: وفيما قاله ابن هشام نظر، فإن البيهقيّ روى من غير وجه عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال: لما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء مشى عبد الله بن رواحة بين يديه وفي رواية وهو آخذ بغرزه وهو يقول