للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظّهران، فقال: «إن أبا سفيان بالأراك فخذوه» فدخلنا، فأخذناه

[ (١) ] .

قال ابن عقبة: فبينما هم، يعني أبا سفيان، وحكيم بن حزام، وبديلا بن ورقاء كذلك لم يشعروا حتى أخذهم نفر كان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بعثهم عيونا له، فأخذوا بخطم أبعرتهم فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: هذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فقال أبو سفيان: هل سمعتم بمثل هذا الجيش، نزلوا على أكباد قوم لم يعلموا بهم.

وروى ابن أبي شيبة عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب- رحمهما الله تعالى- قالا: أخذ أبو سفيان وأصحابه وكان حرس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نفر من الأنصار، وكان عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- تلك الليلة على الحرس، فجاؤوا بهم إليه، فقالوا: جئناك بنفر أخذناهم من أهل مكة، فقال عمر وهو يضحك إليهم: والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم. قالوا: قد والله آتيناك بأبي سفيان. فقال: احبسوه فحبسوه حتى أصبح. فغدا به على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال ابن عقبة: لما دخل الحرس بأبي سفيان وصاحبيه، لقيهم العباس بن عبد المطّلب، فأجارهم.

وروى ابن أبي شيبة عن عكرمة: أن أبا سفيان لما أخذه الحرس قال: دلّوني على العبّاس، فأتى العباس فأخبره الخبر، وذهب به إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم.

وروى إسحاق بن راهويه- بسند صحيح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما نزل مرّ الظهران، رقّت نفس العبّاس لأهل مكة فقال: واصباح قريش، والله لئن دخلها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر،

قال العبّاس: فأخذت بغلة رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- الشّهباء فركبتها، وقلت:

ألتمس حطّابا، أو صاحب لبن، أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة، فو الله إني لفي الأراك ألتمس ما خرجت إليه إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا! فقال بديل بن ورقاء: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب، فقال أبو سفيان: خزاعة أقلّ وأذلّ من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، قال العباس: فعرفت صوت أبي سفيان، فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي، فقال: لبّيك يا أبا الفضل، مالك فداك أبي وأمي!! وعرف صوتي، فقلت: ويلك!! هذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في عشرة آلاف فقال: واصباح قريش والله بأبي أنت وأمي فما تأمرني، هل من حيلة؟ قلت: نعم، اركب عجز هذه البغلة،


[ (١) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٥/ ١٧٢.