للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل لأبي سفيان ذلك، فقال: كيف أصنع باللات والعزى؟ فقال عمر بن الخطاب- وهو خارج القبّة: اخرأ عليها، أما والله لو كنت خارج القبة ما قلتها، فقال أبو سفيان: من هذا؟

قالوا: عمر بن الخطاب

قال العبّاس: فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «اذهب به يا عبّاس إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به» قال: فذهبت به إلى رحلي.

وعند ابن عقبة، ومحمد بن عمر: فلما أذّن الصّبح أذّن العسكر كلهم: أي أجابوا المؤذن- ففزع أبو سفيان من أذانهم، فقال: ما يصنع هولاء؟ قال العباس، فقلت: الصّلاة. قال:

كم يصلون؟ قلت: خمس صلوات في اليوم والليلة، ثم رآهم يتلّقون وضوء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: ما رأيت ملكا قط كاليوم لا ملك كسرى ولا قيصر، قال العباس: فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- الصبح غدوت به. وعند ابن عقبة، ومحمد بن عمر: إن أبا سفيان سأل العبّاس في دخوله على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-، وعند ابن أبي شيبة عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: فلمّا أصبحوا قام المسلمون إلى طهورهم، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل!! ما للنّاس أمروا فيّ بشيء؟ قال: لا ولكنهم قاموا إلى الصّلاة، فأمره العبّاس فتوضأ، وذهب به إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- الصلاة كبّر وكبّر النّاس، ثم ركع، فركعوا، ثمّ رفع، فرفعوا، ثم سجد فسجدوا، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم طاعة، قوم جمعهم من ههنا وههنا، ولا فارس الأكارم، ولا الروم ذات القرون بأطوع منهم له، يا أبا الفضل أصبح ابن أخيك والله عظيم الملك، فقال العبّاس: إنه ليس بملك، ولكنها النبوة، قال: أو ذاك.

قال العباس: فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟! قال: بأبي أنت وأمي!! ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك! إنه لو كان مع الله إله لقد أغنى عنّي شيئا بعد، لقد استنصرت إلهي، واستنصرت إلهك، فو الله ما لقيتك من مرة، إلا نصرت عليّ، فلو كان إلهي محقّا وإلهك مبطلا لقد غلبتك، فقال: «ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم إني رسول الله؟ قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك! أمّا هذه فو الله إنّ في النّفس منها شيئا حتى الآن،

فقال العبّاس: ويحك! أسلم قبل أن تضرب عنقك فشهد شهادة الحقّ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. وظاهر كلام ابن عقبة ومحمد بن عمر في مكان آخر إن أبا سفيان قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله من غير أن يعرض ذلك عليه أحد.

قال: قال أبو سفيان، وحكيم بن حزام: يا رسول الله جئت بأوباش النّاس من يعرف ومن لا يعرف إلى أهلك وعشيرتك! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «أنتم أظلم وأفجر، قد غدرتم بعهد الحديبية، وظاهرتم على بني كعب بالإثم والعدوان في حرم الله- تعالى- وأمنه» فقال حكيم وأبو سفيان: صدقت يا رسول الله: ثمّ قالا:

يا رسول الله!! لو كنت جعلت جدّك ومكيدتك لهوازن، فهم أبعد رحما، وأشد عداوة لك؟