ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العباس: أسلم، قال: مالي ولأسلم؟ ثم مرت بنو كعب بن عمرو في خمسمائة، يحمل رايتهم بسر- بضم الموحدة، وسكون السين المهملة- بن سفيان فلما حاذوه، كبّروا ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العباس: بنو عمرو بن كعب بن عمرو، إخوة أسلم، قال: نعم، هؤلاء حلفاء محمد، ثم مرت مزينة- بضم الميم، وفتح الزاء، في ألف فيها ثلاثة ألوية ومائة فرس، يحمل ألويتها النعمان بن مقرن- بضم الميم، وسكون القاف، [وبالراء] والنون، وعبد الله بن عمرو بن عوف، وبلال بن الحارث، فلما حاذوه كبّروا ثلاثا، قال: من هؤلاء؟ قال: العباس: مزينة، قال: مالي ولمزينة؟ قد جاءتني تقعقع من شواهقها، ثم مرّت جهينة- بضم الجيم، وفتح الهاء وسكون التحتية، وبالنون- في ثمانمائة، فيها أربعة ألوية، يحملها أبو روعة- بفتح الراء، وسكون الواو- معبد بن خالد، وسويد بن صخر، ورافع بن مكيث- بفتح الميم، وكسر الكاف، وبالمثلثة- وعبد الله بن بدر- بالموحدة- فلما حاذوه كبّروا ثلاثا، فقال من هؤلاء؟ قال: جهينة، قال: مالي ولجهينة؟ ثم مرّت كنانة- بكسر الكاف- بنو ليث وضمرة، وسعد بن بكر في مائتين، يحمل لواءهم أبو واقد- بالقاف- اللّيثي، فلمّا حاذوه كبّروا ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العبّاس: بنو بكر، قال: نعم، أهل شؤم والله! هؤلاء الّذين غزانا محمّد بسببهم، قال العبّاس: قد خار الله- تعالى- لكم في غزو محمد- صلى الله عليه وسلم- أتاكم أمنكم، ودخلتم في الإسلام كافة، ثم مرّت أشجع- بالشين المعجمة، والجيم- وهم آخر من مرّ، وهم ثلاثمائة معهم لواءان، يحمل أحدهما معقل- بالعين المهملة، والقاف- ابن سنان، والآخر: نعيم بن مسعود. فلمّا حاذوه كبّروا ثلاثا قال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال العبّاس: هؤلاء أشجع، قال أبو سفيان: هؤلاء كانوا أشدّ العرب على محمد، قال العبّاس وأدخل الله- تعالى- الإسلام في قلوبهم، فهذا فضل من الله، ثم قال أبو سفيان: أبعد ما مضى محمد؟ فقال العباس: لا، لم يمض بعد، لو أتت الكتيبة التي فيها محمد رأيت فيها الحديد والخيل والرجال، وما ليس لأحد به طاقة، قال: ومن له بهؤلاء طاقة؟ وجعل الناس يمرّون، كل ذلك يقول أبو سفيان ما مرّ محمد؟ فيقول العبّاس: لا، حتّى طلعت كتيبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخضراء الّتي فيها المهاجرون والأنصار، وفيها الرّيات والألوية، مع كل بطن من بطون الأنصار لواء وراية، وهم في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، ولعمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فيها زجل بصوت عال وهو يزعها ويقول: رويدا حتى يلحق أولكم آخركم- يقال: كان في تلك الكتيبة ألفا دارع، وأعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رايته سعد بن عبادة، فهو أمام الكتيبة، فلما مرّ سعد براية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نادى أبا سفيان فقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة اليوم أذلّ الله قريشا قال أبو سفيان: يا عباس، حبّذا يوم الذّمار. فمرت القبائل، وطلع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو على ناقته القصواء. قال محمد بن عمر: بين أبي بكر