للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخوله صلّى الله عليه وسلّم دليل على استحبابه، وتمنّيه عدم الدخول قد علله النبي صلى الله عليه وسلم بالشفقة على أمته، وذلك لا يدفع الاستحباب.

وحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين ومعه من يستره من الناس، قال له رجل: أدخل النبي صلى الله عليه وسلّم الكعبة؟ قال: لا. رواه الشيخان

[ (١) ] . فكذلك لا دليل فيه لعدم الاستحباب.

قال النووي: قال العلماء رحمهم الله تعالى: سبب ترك دخوله صلّى الله عليه وسلم ما كان في البيت من الأصنام والصور ولم يكن المشركون يتركونه يغيرّها. فلما كان يوم الفتح أمر بإزالة الصور ثم دخلها كما في حديث ابن عباس في الصحيح.

وأما آداب الدخول فكثيرة، منها: الغسل، ومنها: نزع الخفّ والنعل، ومنها: ألا يرفع بصره إلى السقف لأن، ذلك يؤدي إلى الغفلة واللهو عن القصد.

روى الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تقول: عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة حين يرفع بصره قبل السقف يدع ذلك إجلالاً لله تعالى وإعظاماً، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.

ومنها: ألاّ يزاحم أحداً زحمة شديدة يتأذى بها أو يؤذي بها أحداً. كما ذكره النووي رحمه الله تعالى:

ومنها: إن يلزم قلبه الخشوع والخضوع، وعينيه الدموع إن استطاع ذلك، وإلاً حاول صورتهما.

ومنها: ألاّ يسأل مخلوقاً. قال سفيان بن عيينة [ (٢) ] رحمه الله تعالى: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة فرأى سالم بن عبد الله بن عمر، فقال: سلني حاجتك. فقال: أستحي من الله تعالى أن أسأل في بيته غيره.

وأما ما يطلب في الكعبة من الأمور التي صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو: التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والثناء على الله تعالى والدعاء والاستغفار والصلاة. لأحاديث وردت في ذلك يأتي بيانها في غزوة الفتح إن شاء الله تعالى.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٣/ ٥٤٦ (١٦٠٠) (١٧٩١، ٤١٨٨، ٤٢٥٥) .
[ (٢) ] سفيان بن عيينة بن أبي عمر بن الهلالي مولاهم أبو محمد الأعور الكوفي، أحد أئمة الإسلام. عن عمرو بن دينار والزّهري، وزيد بن أسلم وصفوان بن سليم، وخلق كثير. وعنه شعبة ومسعر من شيوخه وابن المبارك من أقرانه وأحمد وإسحاق وابن معين وابن المديني وأمم. قال العجلي: هو أثبتهم في الزهري، كان حديثه نحو سبعة آلاف. وقال ابن عيينة: سمعت من عمرو بن دينار ما لبث نوح في قومه. وقال ابن وهب: ما رأيت أعلم بكتاب الله من ابن عيينة. وقال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز. مات سنة ثمان وتسعين ومائة، ومولده سنة سبع. الخلاصة ١/ ٣٩٧.