للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخل مرة أخرى، فقام يدعو ولم يصلّ. رواه الطبراني في الكبير،

قال الهيثمي: فيه أبو مريم، روى عن صغار التّابعين، ولم أعرفه، وبقية رجاله موثقون، وفي بعضهم كلام.

وروى الأزرقي عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبيه قال: بلغني أنّ الفضل ابن عباس دخل مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومئذ- أي يوم الفتح- فقال: لم أره صلّى فيها، قال أبي: وذلك فيما بلغني أن النبي- صلى الله عليه وسلّم- استعانه في حاجة فجاء وقد صلّى ولم يره. قال عبد المجيد: قال أبي، وذلك أنه بعثه فجاء بذنوب من ماء زمزم يطمس به الصّور الّتي في الكعبة، فلذلك لم يره صلّى. قلت: وأيضا أنه- صلى الله عليه وسلم- أرسله وأسامة في ذلك- كما تقدّم في أسامة- واعتمد الإمام تقيّ الدّين الفاسي في تاريخه من هذه الأجوبة ما رواه أبو داود الطيالسي عن أسامة، وتعقب ما سواه بكلام نفيس جدا فراجعه فإنّك لا تجده في غير كتابه، وذكره هنا ليس من غرضنا.

التاسع عشر: تقدّم أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى في الكعبة، وأنه جعل عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه، وفي رواية جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وفي أخرى عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وفي رواية بين العمودين اليمانيين، وفي أخرى بين العمودين تلقاء وجهه، وبين العمودين المقدمين، قال المحب الطبري في الأحكام الكبرى: وهذا يؤيد رواية من روى أنه جعل عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره لأن الباب قريب من الحجر الأسود، جانح إلى جهة اليمين، ويفتح في جهة المشرق فإذا دخل منه وصلى تلقاء وجهه بين العمودين المقدمين اليمانيين والبيت يومئذ على ستة أعمدة فقد جعل عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره، وثلاثة أعمدة وراءه، وصلّى إلى جهة المغرب، وقوله اليمانيّين قد يشكل فإنها ثلاثة صفّ وجعل اثنين منها يمانيين ليس بأولى من جعلهما شامييّن، والجواب: أنه إنّما جعل اثنين منهما يمانيين لأنّ مقرّ الثلاثة بصفة يمانيّ وبصفة شاميّ، فمن وقف بين المتمحض يمانيا وبين المشترك بين اليمن والشام جاز أن يقال فيه: وقف بين اليمانيين باعتبار ما نسب منه إلى اليمن تجوّزا ومن وقف بين المتمحض شاميا وبين المشترك جاز أن يقال فيه: وقف بين الشّاميين لما ذكرناه، أو تقول لما وقف بينهما كان هو إلى جهة اليمن أقرب، فأطلق عليهما يمانيين اعتبارا به، والأول أظهر، ولا تضادّ بين هذا وبين قوله عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره، فإنّ من ضرورة جعل عمودين عن يمينه أن يكون عمودا عن يمينه والآخر مسكوتا عنه، وليس في اللّفظ ما ينفيه، وقال الحافظ: ليس بين رواية: جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره مخالفة، لكن قوله في رواية مالك: وكان البيت يومئذ على ستّة أعمدة مشكل، لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ويمكن الجمع بين الرّوايتين بأنّه حيث ثنّى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي- صلى الله عليه وسلّم- وحيث أفرد أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك، ويرشد إلى ذلك