- ونحن مولّون حتى إن الرجل منّا ليدخل حصن الطّائف وإنه ليظن أنّه على أثره، من رعب الهزيمة.
قال أنس بن مالك كما رواه الإمام أحمد: كان في المشركين رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا فلما رأى ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نزل، فهزمهم الله- تعالى- فولّوا، فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين رأى الفتح، فجعل يجاء بهم أسارى رجل رجل، فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إن علي نذرا لئن جيء بالرّجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربنّ عنقه فسكت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجيء بالرجل فلما رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: يا نبي الله تبت إلى الله، فأمسك رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- عن مبايعته ليوفي الآخذ بنذره، وجعل ينظر إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ليأمره بقتله، وهاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم الرجل لا يصنع شيئا بايعه، فقال: يا رسول الله نذري؟ قال:«لم أمسك عنه إلّا لتوفي بنذرك» فقال: يا رسول الله ألا أومأت إليّ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: إنه ليس لنبي أن يومئ.
قالوا: وهزم الله تعالى أعداءه من كل ناحية، واتبعهم المسلمون يقتلونهم، وغنّمهم الله- تعالى- نساءهم وذراريهم وأموالهم، وفرّ مالك بن عوف حتّى بلغ حصن الطّائف. هو وأناس من أشراف قومه، وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله- تعالى- رسوله وإعزاز دينه.
قال ابن إسحاق: ولما هزم الله تعالى المشركين من أهل حنين، وأمكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منهم، قالت امرأة من المسلمين- رضي الله عنها- وعنهم:
قد غلبت خيل الله خيل اللّات ... والله أحقّ بالثّبات
ويروى: وخيله أحقّ بالثبات.
زاد محمد بن عمر:
إنّ لنا ماء حنين فخلّوه ... إن تشربوا منه فلن تعلوه
هذا رسول الله لن تغلوه
ورجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من جهة المشركين بعد انهزامهم إلى العسكر، وأمر أن يقتل كل من قدر عليه، وثاب من انهزم من المسلمين.
روى البزار بسند رجاله ثقات عن أنس- رضي الله عنه-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال يوم حنين:«اجزروهم جزرا» وأومأ بيده إلى الحلق