للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقتال، وإعداد العدة والقوّة، ورباط الخيل، والأخذ بالجدّ والحذر، والاحتراس من عدوه، ومحاربته بأنواع الحرب، والتورية، فكان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها، وذلك لأنه إخبار من الله- تعالى- عن عاقبة حاله وماله فما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها الله- تعالى- بحكمته موجبة لما وعده به من النّصر والظّفر، وإظهار دينه وغلبته عدوّه انتهى.

الثالث: اختلف العلماء في العارية هل تضمن إذا تلفت، فقال الشافعي وغيره يضمن، وقال أبو حنيفة وغيره: لا يضمن، وفي بعض طرق الحديث «بل عارية مضمونة، وقد اختلفوا في هذا القيد وهو مضمونة، أنه صفة موضحة أو مقيّدة، فمن قال بالأول قال: تضمن، ومن قال مقيدة قال: لا إلا بشرط، قاله في النّور.

الرابع: تضمّن قول السّائل للبراء في الرواية الثانية أولّيتم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وفي الثالثة أفررتم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وقول البراء رضي الله عنه- فأشهد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنه لم يولّ، وقوله في الرّواية الثانية «لكنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يقر إثبات الفرار، لكن لا على طريق التعميم، وأراد أنّ إطلاق السّائل يشمل الجميع حتّى النبي- صلى الله عليه وسلّم- بظاهر الرّواية الثانية، ويمكن الجمع بين الثّانية والثّالثة بحمل المعية على ما قبل الهزيمة فبادر إلى استثنائه، ثم أوضح ذلك وختم حديثه بأنه لم يكن أحد يومئذ أشد من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويحتمل أن البراء فهم أنّ السائل اشتبه عليه حديث سلمة بن الأكوع، ومررت برسول الله- صلى الله عليه وسلم- منهزما، فلذلك حلف البراء إن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يولّ، ودلّ ذلك على أن منهزما حال من سلمة، ولهذا وقع في طريق أخرى «ومررت على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- منهزما وهو على بغلته» فقال: لقد رأى ابن الأكوع فزعا، ويحتمل أن يكون السائل أخذ العموم من قوله تعالى: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة ٢٥] فبيّن البراء أنه من العموم الذي أريد به الخصوص.

الخامس: يجمع بين قول أنس- رضي الله عنه-: بقي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحده وبين الأخبار الدّالة أنه بقي معه جماعة بأن المراد بقي وحده متقدما مقبلا على العدو، والذين ثبتوا كانوا وراءه، أو الوحدة بالنسبة لمباشرة القتال، وأبو سفيان بن الحارث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة، ونحو ذلك.

السادس: لا تخالف بين قول ابن عمر، لم يبق مع النبي- صلى الله عليه وسلم- مائة رجل، وبين قول ابن مسعود، ثبت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ثمانون من المهاجرين والأنصار فإن ابن عمر نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين.

وذكر النووي أن الذين ثبتوا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اثنا عشر رجلا، ووقع في شعر