للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له أسيد بن الحضير: يا رسول الله، ما منعك البارحة من سلوك الوادي؟ فقد كان أسهل من العقبة؟ فقال: «أتدري يا أبا يحي أتدري ما أراد بي المنافقون وما همّوا به» ؟ قالوا: نتبعه من العقبة، فإذا أظلم عليه الليل قطعوا أنساع راحلتي ونخسوها حتى يطرحوني عن راحلتي فقال أسيد: يا رسول الله، قد اجتمع الناس ونزلوا، فمر كلّ بطن أن يقتل الرّجل الذي همّ بهذا، فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله، وإن أحببت- والذي بعثك بالحق- فنبئني بأسمائهم فلا أبرح حتى آتيك برؤوسهم. قال «يا أسيد إنّي أكره أن يقول النّاس إنّ محمّدا قاتل بقوم حتّى إذا أظهره الله تعالى بهم أقبل عليهم يقتلهم» .

وفي رواية «إنّي أكره أن يقول النّاس إنّ محمّدا لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين وضع يده في قتل أصحابه» فقال: يا رسول الله، فهؤلاء ليسوا بأصحاب، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله؟» قال: بلى [ولا شهادة لهم] قال: «أليس يظهرون أني رسول الله؟» قال: بلى. ولا شهادة لهم، قال: «فقد نهيت عن قتل أولئك»

[ (١) ] .

وقال ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير: فلما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لحذيفة:

«ادع عبد الله»

قال البيهقي [ (٢) ] : أظن ابن سعد بن أبي سرح، وفي الأصل: عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح، لم يعرف له إسلام كما نبه إليه في زاد المعاد، قال ابن إسحاق: وأبا حاضر الأعرابي، وعامرا وأبا عمر، والجلاس بن سويد بن الصامت وهو الذي قال: لا ننتهي حتى نرمي محمدا من العقبة، ولئن كان محمد وأصحابه خيرا منا إنا إذا لغنم وهو الراعي، ولا عقل لنا وهو العاقل، وأمره أن يدعوا مجمع بن جارية، وفليح التيمي وهو الذي سرق طيب الكعبة وارتد عن الإسلام، وانطلق هاربا في الأرض فلا يدرى أين ذهب، وأمره أن يدعو حصين بن نمير الذي أغار على تمر الصدقة فسرقه،

فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «ويحك، ما حملك على هذا؟» قال: حملني عليه أني ظننت أن الله تعالى لم يطلعك عليه أما إذا أطلعك عليه فإني أشهد اليوم أنك لرسول الله، فإني لم أؤمن بك قط قبل الساعة، فأقاله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعفا عنه بقوله الذي قاله، وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حذيفة أن يأتيه بطعمة بن أبيرق، وعبد الله بن عيينة، وهو الذي قال لأصحابه: اشهدوا هذه الليلة تسلموا الدهر كله، فو الله مالكم أمر دون أن تقتلوا هذا الرجل، فدعاه رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فقال: «ويحك ما كان ينفعك من قتلي لو أني قتلت يا عدو الله؟» فقال عدو الله: يا نبي الله، والله ما تزال بخير ما أعطاك الله تعالى النصر على


[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٢٥٧، وانظر المغازي للواقدي ٣/ ١٠٤٣، ١٠٤٤، والدر المنثور ٣/ ٢٥٩ وابن كثير في البداية ٥/ ١٩.
[ (٢) ] البيهقي في الدلائل ٥/ ٢٥٨.