للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: في معنى السرية. قال ابن الأثير في النهاية: «السّرية: الطائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها سرايا سمّوا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السّريّ النفيس. وقيل سموا بذلك لأنهم ينفذون سرّا وخفية، وليس بالوجه لأن لام السّرّ راء وهذه ياء. انتهى.

وقال الإمام شهاب الدين أحمد بن علي الشّهير بابن خطيب الدهشة رحمه الله تعالى في كتابه المصباح [ (١) ] : «السّريّة: قطعة من الجيش، فعلية بمعنى فاعلة لأنها تسري في خفية والجمع سرايا وسريّات مثل عطية وعطايا وعطيات» انتهى.

فقوله: «خفية» أحسن من قول من قال «سرّا» لما ذكره ابن الأثير من أن لام السر راء وهذه ياء. وقال الحافظ: السرية: قطعة من الجيش تخرج منه وتعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة، فما زاد على خمسمائة يقال له: منسر بالنون والسين المهملة أي بفتح الميم وكسر السين وبعكسهما. فإن زاد على الثمانمائة سمّي جيشا، وما بينهما يسمى هيضلة، فإن زاد على أربعة آلاف سمى جحفلا بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الفاء، فإن زاد فجيش جرّار، بفتح الجيم وبراءين مهملتين الأولى مشددة. والخميس أي بلفظ اليوم: الجيش العظيم. وما افترق من السّريّة يسمى بعثا. فالعشرة فما بعدها حضيرة. والأربعون عصبة، وإلى ثلاثمائة مقنب بقاف ونون موحّدة أي بكسر الميم وسكون القاف وفتح النون. فإن زاد سمي جمرة بجيم مفتوحة وسكون الميم. والكتيبة- بفتح الكاف فتاء مكسورة وتحتية ساكنة فموحدة فتاء تأنيث- ما اجتمع ولم ينتشر، انتهى.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الأصحاب أربعة.

وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش، أربعة آلاف، وما هزم قوم بلغوا اثني عشر ألفا من قلّة إذا صدقوا وصبروا» . رواه أبو يعلى وابن حبان وأبو داود والترمذي، دون قوله «إذا صدقوا وصبروا»

[ (١) ] .


[ (١) ] أخرجه أحمد في المسند ١/ ٢٩٩ والبيهقي في السنن ٩/ ١٥٦ والدارمي ٢/ ٢١٥ وذكره الهيثمي في المجمع ٥/ ٢٥٨.