للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: في الصحيح أن القرّاء كانوا سبعين رجلا وعند ابن إسحاق أربعين قال الحافظ:

ووهم من قال إنهم ثلاثون، وما في الصحيح هو الصحيح. ويمكن الجمع بأن الأربعين كانوا رؤساء، وبقيّة العدّة كانوا أتباعا وجرى على ذلك في الغرر وزاد أن رواية القليل لا تنافي رواية الكثير وهو من باب مفهوم العدد وكذا قول من قال ثلاثين.

الثالث: انفرد المستغفري [ (١) ] بذكر عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر الكلابي في الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم. قال الحافظ: (وهو خطأ صريح فإن عامرا مات كافرا وقصته معروفة [ (٢) ] أي كما سيأتي بيان ذلك. وقال في النور: أجمع أهل النقل على أن عامر بن الطفيل مات كافرا وما ذكره المستغفري خطأ) انتهى.

الرابع: قول أنس: «ثم نسخ بعد» قال السهيلي: «فثبت هذا في الصحيح وليس عليه رونق الإعجاز. فيقال إنه لم ينزل بهذا النظم معجز كنظم القرآن، فإن هذا خبر، والخبر لا يدخله النسخ. قلنا لم ينسخ منه الخبر وإنما نسخ منه الحكم فإن حكم القرآن أن يتلى به في الصلاة وألّا يمسّه إلا طاهر، وأن يكتب بين اللوحين، وأن يكون تعلّمه من فروض الكفاية.

فكل ما نسخ ورفعت منه هذه الأحكام وإن بقي محفوظا فإنه منسوخ [فإن تضمّن حكما جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولا به] ، وإن تضمن خبرا جاز أن يبقى ذلك الخبر مصدّقا به وأحكام التلاوة منسوخة عنه» .

الخامس: وقع في الصحيح في رواية أنس: «دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا، على رعل ولحيان وعصيّة» [ (٣) ] إلى آخره. قال الحافظ أبو محمد الدمياطي وتبعه في العيون كذا وقع في هذه الرواية، وهو يوهم أن بني لحيان كانوا ممن أصاب القرّاء يوم بئر معونة وليس كذلك، وإنما أصاب هؤلاء رعل وذكوان وعصيّة ومن صحبهم من سليم. وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع. وإنما أتى الخبر إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عنهم كلهم في وقت واحد، فدعا على الذين أصابوا الصحابة في الموضعين دعاء واحدا. وذكر محمد بن عمر أن خبر بئر معونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ليلة واحدة.


[ (١) ] جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر النسفي أبو العباس فقيه له اشتغال بالتاريخ من رجال الحديث كان خطيب نسف (من بلاد ما وراء النهر) وتوفي بها له «الدعوات» في الحديث والتمهيد في التجويد وغير ذلك ورجال الحديث يأخذونه عليه رواية الموضوعات من غير تنبيه. الأعلام ٢/ ١٢٨.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٧/ ٤٤٦ عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه ... كان رئيس المشركين عامر بن الطفيل خيّر- النبي صلى اللَّه عليه وسلم- بين ثلاث خصال فقال: «يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك، أو أغزوك بأهل غطفان بألف وألف» فطعن عامر في بيت فلان فقال: «غدة كغدة البكر ... » .
[ (٣) ] أخرجه البخاري ٧/ ٤٤٦ (٤٠٩١) .