للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللّواء «حمل على القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاءوا» .

وروى الطبراني برجال ثقات عن موسى بن عقبة قال: ثم اصطلح المسلمون بعد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم على خالد بن الوليد المخزومي فهزم الله تعالى العدوّ وأظهر المسلمين. وروى محمد بن عمر الأسلمي عن عطاف بن خالد لما قتل ابن رواحة مساء بات خالد بن الوليد، فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته وساقته مقدمته وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة، فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيأتهم وقالوا وقد جاءهم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين. قال:

فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم. وذكر ابن عائذ في مغازيه نحوه.

وروى محمد بن عمر عن الحارث بن الفضل رحمه الله تعالى: لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الآن حمي الوطيس» [ (١) ] .

وروى القرّاب في تاريخه عن برذع بن زيد رضي الله تعالى عنه قال: اقتتل المسلمون مع المشركين سبعة أيام. وروى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما وهذا الذي ذكره أبو عامر والزهري، وعروة، وابن عقبة، وعطّاف بن خالد، وابن عائذ وغيرهم هو ظاهر

قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس: «ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه» [ (٢) ] .

وفي حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً كما سيأتي. ثم أخذ خالد بن الوليد اللواء ولم يكن من الأمراء، هو أمّر نفسه.

ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعه، ثم قال: «اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره» [ (٣) ] .

فمن يومئذ سمّي خالد بن الوليد «سيف الله» ، رواه الإمام أحمد برجال ثقات ويزيده قوّة ويشهد له بالصحة ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبرقاني عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه قال: «خرجت [مع من خرج] مع زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما في غزوة مؤتة ورافقتني مدديّ من المسلمين من اليمن، ليس معه غير سيفه. فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المدديّ طائفة من جلد، فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدّرقة، ومضينا ولقينا جموع الروم فيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهّب وسلاح مذهّب، فجعل الرومي يغزو المسلمين، فقعد له المدديّ خلف صخرة فمرّ به الرومي فعرقب فرسه بسيفه وخرّ الرومي فعلاه بسيفه فقتله وحاز سلاحه وفرسه. فلما فتح الله تعالى على المسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه بعض السّلب. قال عوف، فأتيت خالدا وقلت له: أما


[ (١) ] أخرجه مسلم ٣/ ١٣٩٨ كتاب الجهاد (٧٦- ١٧٧٥) من حديث عباس وأحمد في المسند ١/ ٢٠٧ وعبد الرزاق (٩٧٤١) .
[ (٢) ] أخرجه البخاري (٤٢٦٢) .
[ (٣) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٤/ ٣٦٨ وابن أبي شيبة في المصنف ١٤/ ٥١٣.