هزموا جانبا من المشركين وخشي خالد أن يتكاثر الكفّار عليهم. فقد مرّ أنهم كانوا أكثر من مائتي ألف، فانحاز عنهم حتى رجع بالمسلمين إلى المدينة.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية يمكن الجمع بأن خالدا لما انحاز بالمسلمين بات ثم أصبح وقد غيّر بقيّة العسكر كما تقدم، وتوهم العدوّ أنهم قد جاءهم مدد، حمل عليهم خالد حينئذ فولّوا فلم يتبعهم، ورأى الرجوع بالمسلمين مع الغنيمة الكبرى.
الثامن: إنما ردّ صلى الله عليه وسلم السّلب إلى خالد بعد الأمر الأول بإعطائه للقاتل نوعا من النكير، ودعا له، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة، وكان خالد مجتهدا في صنيعه ذلك، فأمضي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم اجتهاده لما رأى في ذلك من المصلحة العامة بعد أن خطّأه في رأيه الأول، ويشبه أن يكون النبي صلى اللَّه عليه وسلم عوّض المدديّ من الخمس الذي هو له وأرضى خالدا بالصفح عنه وتسليم الحكم له في السّلب.
التاسع: في بيان غريب ما سبق:
أدنى البلقاء من أرض الشام: أي أقرب.
البلقاء: بفتح الموحدة وسكون اللام وبالقاف وألف تأنيث مقصورة كورة ذات قرى ومزارع من أعمال دمشق.
لهب: بكسر اللام وسكون الهاء وبالموحدة: بطن من الأزد.
تلك بصرى: اسمه: [الحارث بن أبي شمر الغسّاني] .
غرض له: تصدّي له ومنعه من الذهاب.
شرحبيل: بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة: اسم أعجمي لا ينصرف.
الغسّاني: بفتح الغين المعجمة وبالسين المهملة المشددة.
قتل صبرا: أمسك حيّا ثم رمي بشيء حتى مات.
ندب الناس: دعاهم.
الجرف: بضم الجيم والراء كما قال الحازمي وأبو عبيد البكري والقاضي وقال ياقوت وتبعه المجد اللغوي بالضم فالسكون: على ثلاثة أميال من المدينة لجهة الشام.
رواحة: بفتح الراء وتخفيف الواو وبالحاء المهملة.