للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كجعفر وخلخال الماء العذب أو البارد كالسّلاسل بالضم» . ثم قال: «وتسلسل الماء جرى في حدور ... والسّلسلة اتصال الشيء بالشيء، والقطعة الطويلة من السّنام، ويكسر، وبالكسر دائر من حديد ونحوه. والسلاسل رمل يتعقد بعضه على بعض وينقاد.. وثوب مسلسل فيه وشيء مخطّط، وغزوة ذات السّلاسل هي وراء وادي القرى» .

وقال النووي في التهذيب: أظن أن ابن الأثير استنبطه من صحاح الجوهري من غير نقل عنده فيه ولا دلالة في كلامه. قلت وعبارة الجوهري: «وماء سلسل وسلسال سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه، والسّلاسل بالضّمّ مثله، ويقال معنى يتسلسل أنه إذا جرى أو ضربته الريح يصير كالسّلسلة» .

وقال ابن إسحاق وجمع: «هو ماء بأرض جذام وبه سمّيت الغزوة» . وقال أبو عبيد البكري: «ذات السّلاسل بفتح أوله على لفظ جمع سلسلة رمل بالبادية» . انتهى. فعلى هذا سمّي المكان بذلك لأن الرمل الذي كان به كان بعضه على بعض كالسّلسلة. وأغرب من قال: سميت الغزوة بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يغزوا.

الثاني: ذكر الجمهور ومنهم ابن سعد إنها كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان. وقيل كانت سنة سبع، وبه جزم ابن أبي خالد في صحيح التاريخ.

الثالث: نقل النووي في تهذيبه، والحافظ في الفتح عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر أنه نقل الاتفاق، على أنها كانت بعد غزوة مؤتة إلا ابن إسحاق قال قبلها قال الحافظ: وهو قضيّة ما ذكر عن ابن سعد وابن أبي خالد. قلت: أما أنه قضيّة ما ذكر عن ابن سعد فغير واضح فإن ابن سعد قال كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان، وذكر في غزوة مؤتة إنها كانت في جمادى الأولى سنة ثمان. وأما ما نقل عن ابن إسحاق فالذي في رواية زياد البكّائي تهذيب ابن هشام عن ابن إسحاق تأخر غزوة ذات السلاسل عن مؤتة بعدة غزوات وسرايا، ولم يذكر أنها كانت قبل مؤتة فيحتمل أنه نصّ على ما ذكره ابن عساكر في رواية غير زياد.

الرابع: ليس في تأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما تفضيله عليهما بل السبب في ذلك معرفته بالحرب كما ذكر ذلك أبو بكر لعمر كما في حديث بريدة، فإن عمرا كان أحد دهاة العرب، وكون العرب الذين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعين بهم أخوال أبيه كما ذكر في القصة فهم أقرب إجابة إليه من غيره.

وروى البيهقي عن أبي معشر عن بعض شيوخه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّي لأؤمر الرجل على القوم وفيهم من هو خير منه لأنه أيقظ عينا وأبصر بالحرب» [ (١) ] .


[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٤/ ٤٠٠.