للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث موله بن [كثيف] بن حمل: والله يا محمد لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ولأربطنّ بكل نخلة فرسا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اكفني عامرا» [ (١) ] .

زاد موله: «واهد قومه» .

قال ابن إسحاق: فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر لأربد: ويلك يا إربد:

أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا. قال: لا أبالك لا تعجل علي، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟.

وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فلما خرج أربد وعامر من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بجرّة وأقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير فقالا: أشخصا يا عدوّا الله عز وجل لعنكما الله. فقال عامر: من هذا يا أربد؟ قال: هذا أسيد بن الحضير، فخرجا.

وروى البيهقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة رحمه الله، قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على عامر بن الطفيل ثلاثين صباحا: «اللهم اكفني عامر بن الطفيل بما شئت وابعث عليه داء يقتله» .

حتى إذا كان بالرّقم بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول. فجعل يمسّ فرحته في حلقه ويقول يا بني عامر أغدّة كغدّة البكر في بيت امرأة من بني سلول [ (٢) ] ؟.

زاد ابن عباس: يرغب أن يموت في بيتها. ثم ركب فرسه فأحضرها وأخذ رمحه وأقبل يجول، فلم تزل تلك حاله حتى سقط فرسه ميتا. قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين واروه حتى قدموا أرض بني عامر شانّين. فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنّبل حتى أقتله. فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله عز وجل عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما. وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: حتى إذا كان بالرّقم أرسل الله تعالى عليه صاعقة فقتلته.

قال ابن عباس وابن إسحاق: وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى [الرعد ٨] من ذكر وأنثى وواحد ومتعدّد وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ أي ما


[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٣٢١ والطبراني في الكبير ٦/ ١٥٥ وذكره الهيثمي في المجمع ٦/ ١٢٦ وابن كثير في البداية ٥/ ٥٧.
[ (٢) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٣١٩.