أظهر الله تعالى نبيه ونصره على عدوه فاخرج يا بن أخي إليه فإنه لا يقتل من أتاه.
فحمل أسيد امرأته وخرج وهي حامل تنتظر، وألقت غلاما عند قرن الثعالب وأتى أسيد أهله فلبس قميصا واعتمّ ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسارية قائم بالسيف عند رأسه يحرسه.
فأقبل أسيد حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد أهدرت دم أسيد؟ قال: «نعم» قال:
أتقبل منه إن جاء مؤمنا؟ قال: «نعم» .
فوضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذه يدي في يدك أشهد أنك رسول الله وألا إله إلا الله. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصرخ أن أسيد بن أبي أناس قد آمن وأمّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح وجهه وألقى يده على صدره. ويقال إن أسيد كان يدخل البيت المظلم فيضيء. وقال أسيد بن أبي أناس:
أأنت الّذي تهدي معدّا لدينها ... بل الله يهديها وقال لك أشهد
فما حملت من ناقةٍ فوق كورها ... أبر وأوفى ذمة من محمّد
وأكسى لبرد الحال قبل ابتذاله ... وأعطى لرأس السّابق المتجرّد
تعلّم رسول الله إنك قادر ... على كل حيّ متهمين ومنجد
تعلّم بأنّ الرّكب ركب عويمر ... هم الكاذبون المخلفو كلّ موعد
أنبوا رسول الله أن قد هجوته ... فلا رفعت سوطي إلي إذن يدي
سوى أنّني قد قلت ويل أمّ فتية ... أصيبوا بنحس لا يطاق وأسعد
أصابهم من لم يكن لدمائهم ... كفيئا فعزّت حسرتي وتنكدي
ذؤيب وكلثوم وسلمى تتابعوا ... جميعا فإن لا تدمع العين تكمد
فلما أنشده: أأنت الذي يهدي معدّا لدينها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل الله يهديها» .
فقال الشاعر: «بل الله يهديها وقال لك اشهد» .