للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخمس من المغنم، وأنهاكم عن أربع: عن الدّباء والحنتم والمزفّت والنّقير- وربما قال المقيّر- فاحفظوهنّ وادعوا إليهن من وراءكم» . قالوا: يا نبي الله ما علمك بالنّقير؟ قال: «بلى جذع تنقرونه فتقذفون فيه من القطيعاء» - أو قال: «من التمر- ثم تصبّون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه حتى أن أحدكم ليضرب ابن عمّه بالسيف» . قال: وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك. قال: وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: ففيم نشرب يا رسول الله؟

قال: «في أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها» . فقالوا: يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان ولا تبقى بها أسقية الأدم [فقال نبي الله صلّى الله عليه وسلم] : «وإن أكلتها الجرذان» ، مرتين أو ثلاثا.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشجّ عبد القيس: «إنّ فيك لخصلتين يحبّهما الله ورسوله الحلم والأناة» .

وروى الإمام أحمد [ (١) ] عن شهاب بن عبّاد أنه سمع بعض وفد عبد القيس يقول: قال الأشج: يا رسول الله إن أرضنا ثقيلة وخمة وإنا إذا لم نشرب هذه الأشربة هيجت ألواننا وعظمت بطوننا فرخّص لنا في هذه وأومأ بكفّيه. فقال: «يا أشجّ إني إن رخّصت لك في مثل هذه» - وقال بفكيه هكذا- «شربته في مثل هذه» - وفرّج يديه وبسطهما يعني أعظم منها- «حتى إذا ثمل أحدكم من شرابه قام إلى ابن عمّه فهزر ساقه بالسيف» .

وكان في القوم رجل يقال له الحارث قد هزرت ساقه في شراب لهم في بيت من الشعر تمثّل به في امرأة منهم، فقال الحارث: لما سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت أسدل ثوبي فأغطّي الضربة بساقي وقد أبداها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.

وروى الحاكم عن أنس رضي الله تعالى عنه أن وفد عبد القيس من أهل هجر قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هم عنده إذا أقبل عليهم فقال: «لكم تمرة تدعونها كذا، وتمرة تدعونها كذا» . حتى عدّ ألوان تمرهم أجمع. فقال له رجل من القوم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لو كنت ولدت في هجر ما كنت بأعلم منك الساعة، أشهد أنك رسول الله فقال:

«إن أرضكم رفعت لي منذ قعدتم إليّ فنظرت من أدناها إلى أقصاها، فخير تمركم البرني الذي يذهب بالداء ولا داء معه» [ (٢) ] .

وروى البخاري [ (٣) ] رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «إن أوّل


[ (١) ] أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٠٧ وذكره المتقي الهندي في الكنز (١٣٢٥٢) .
[ (٢) ] أخرجه الحاكم ٤/ ٢٠٤ وذكره المتقي في الكنز (٣٥٣١٥) .
[ (٣) ] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة (٨٩٢) .