«يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا، لو كان أبوك مسلما لترحّمنا عليه خلّوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله يحب مكارم الأخلاق» . وفي حديث ابن إسحاق: فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد فامنن عليّ من الله عليك. قال:«من وافدك؟» قالت:
عدي بن حاتم. قال:«الفار من الله ورسوله» . قالت: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني، حتى إذا كان من الغد مرّ بي فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس. قالت: حتى إذا كان الغد مرّ بي وقد يئست منه فأشار إلى رجل من خلفه أن قومي فكلّميه. قالت: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن عليّ منّ الله عليك. فقال صلى الله عليه وسلم:«قد فعلت فلا تعجلني بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلّغك إلى بلادك ثم آذنيني» . فسألت عن الرجل الذي أشار إليّ أن أكلّمه فقيل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
وأقمت حتى قدم ركب من بلي أو قضاعة. قلت: وإنما أريد أن آتي أخي بالشام. قالت:
فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ. قالت:
فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.
قال عديّ: فو الله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تصوّب إليّ تؤمّنا. قال:
فقلت: ابنة حاتم قال: فإذا هي هي. قال: فلمّا وقفت عليّ انسلحت تقول: القاطع الظالم، احتملت بأهلك وولدك وتركت بقيّة والدك عورتك. قال: قلت: أي أخيّة لا تقولي إلا خيرا فو الله ما لي من عذر، لقد صنعت ما ذكرت. قال: ثم نزلت فأقامت عندي. فقلت لها، وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعا، فإن يكن الرجل نبيّا فللسابق إليه فضله، فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه، وإن يكن ملكا فلن تذلّ في عزّ اليمن وأنت أنت. قال: قلت: والله إن هذا للرّأي.
وفي حديث الشّعبي: قال: فلما بلغني ما يدعو إليه من الأخلاق الحسنة وما قد اجتمع إليه من الناس خرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلت عليه وهو في مسجده وعنده امرأة وصبيان أو صبيّ. وذكر قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فعرفت أنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فسلّمت عليه فقال:«من الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بي إلى بيته، فو الله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته، فوقف لها طويلا فكلّمته في حاجتها فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك.
قال: ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوّة ليفا فقدمها إليّ فقال: «اجلس على هذه» . قال: قلت: يا رسول بل أنت فاجلس عليها، قال: «بل