للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرحم الله تعالى القائل حيث قال:

فأولئك السّادات لم تر مثلهم ... عين على متتابع الأحقاب

لم يعرفوا ردّ العفاة وطالما ... ردّوا عداتهم على الأعقاب

زهر الوجوه كريمة أحسابهم ... يعطون عافيهم بغير حساب

حلموا إلى أن لا تكاد تراهم ... يوماً على ذي هفوة بغضابه

وتكرّموا حتّى أبوا أن يجعلوا ... بين العفاة ومالهم من باب

كانت تعيش الطير في أجنابهم ... والوحش حين تشحّ كلّ سحاب

وكفاهم أنّ النبيّ محمّداً، ... منهم فمدحهم بكلّ كتاب

ويرحم الله تعالى القائل أيضاً:

نسب أضاء وشمسه من هاشم ... وسماؤه من يعرب ونزار

من معشر ورثوا السّيادة كابرا ... عن كابر فهم كبار كبار

أقمار أندية أسود وقائع ... أطواد أحلام سحاب قطار

لا عار فيهم غير طول تيقّظ ... ما زال ينفي ضيق طيف العار

أهل الرّفادة والحجابة والحجا ... وسقاية الحجّاج والزّوّار

المطعمون إذا البلاد مجيعة ... ومبدّلو الإعسار بالإيسار

والمجتبى الهادي خيارهم وهم ... بين الأنام خيار كلّ خيار

قال أبو عمر رحمه الله تعالى: وقد اعتنى الناس بنظم نسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأحسن ما جاء في ذلك ما نظمه أبو العباس عبد الله محمد بن محمد الناشي رحمه الله تعالى.

قلت: وهو بالنون والشين المعجمة على وزن الماشي، وفيه بعض مخالفة لما تقدم، في قوله:

مدحت رسول الله أبغي بمدحه ... وفور حظوظي [ (١) ] من كريم المواهب

مدحت أمراء فات المديح موحّداً ... بأوصافه من مبعد أو مقارب

نبياً تسامى في المشارق نوره ... فلاحت هواديه لأهل المغارب

أتتنا به الأنباء قبل مجيئه ... وشاعت به الأخبار في كلّ جانب

وأصبحت الكهّان تهتف باسمه ... وتنفي به رجم الظنون الكواذب

وأنطقت الأصنام نطقاً تبرّأت ... إلى الله فيه من مقال الأكاذب

وقالت لأهل الكفر قولاً مبيّناً ... أتاكم نبيّ من لؤي بن غالب


[ (١) ] الحظوظ مفردها حظ والحظ: النصيب انظر الوسيط ١/ ١٨٣.