للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو الشيخ وأبو الحسن بن الضحاك عنه أيضاً قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينه في شيء فقال: يا محمد أعطني، فإنك لا تعطيني من مالك، ولا من مال أبيك. فأعطاه شيئاً، ثم قال: «أحسنت إليك؟» قال لا ولا أجملت، فغضب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفّوا، ثم قام فدخل منزله، ثم أرسل إلى الأعرابي فدعاه إلى البيت، فأعطاه شيئا، فقال: «أرضيت؟» فقال: لا، ثم أعطاه أيضا، فقال: «أرضيت؟» فقال: نعم، نرضى، فقال: «إنك جئتنا، فسألتنا، فأعطيناك، فقلت ما قلت، وفي أنفس المسلمين شيء من ذلك، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي، حتى يذهب عن صدورهم ما فيها» ، قال:

نعم، فلما كان الغداة أو العشيّ جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن صاحبكم هذا كان جائعا فسألنا، فأعطيناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟» فقال الأعرابي: «أي نعم، فجزاك الله تعالى عن أهل وعشيرة خيرا» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن مثلي ومثلكم كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه، فأتّبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورا،

فناداهم صاحب الناقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها، فتوجه لها صاحبها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فجاءت واستناخت، فشد عليها رحلها، واستوى عليها، وأنا لو تركتكم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار، فما زلت حتى فعلت ما فعلت [ (١) ] » .

وروى أبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجيب دعوة العبد، ويعود المريض، ويركب الحمار [ (٢) ] .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصّفا ذهبا، وأن ينحّي عنهم الجبال فيزرعون، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن نعطيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكتهم كما أهلكت من كان قبلهم، قال: بل أستأني بهم [ (٣) ] .

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قيل يا رسول الله ادع على


[ (١) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٩/ ١٨، ١٩ وعزاه للبزار وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك.
[ (٢) ] أخرجه أبو يعلى ٧/ ٢٣٨ (١٤٨٨/ ٤٢٤٣) وإسناده ضعيف لضعف مسلم بن كيسان البراد الملائي الأعور وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم وآدابه ص ٦٤ وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٨/ ١٣١ من طريق أبي يعلى هذه والطيالسي ٢/ ١١٩ (٢٤٢٥) والبغوي في شرح السنة ١٣/ ٢٤١ (٣٦٧٣) من طريق شعبة والترمذي (١٠١٧) وفي الشمائل (٣٢٥) وابن ماجه مختصرا (٢٢٩٦) وفي الزهد (٤١٧٨) وأبو الشيخ ص (٦١، ٦٢) من طرق عن جرير كلاهما عن مسلم البراد، بهذه الإسناد وقال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث مسلم عن أنس ومسلم الأعور يضعّف وهو مسلم بن كيسان.
[ (٣) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٧/ ٥٣ وقال بعد ذكره رواية أخرى: ورجال الروايتين رجال الصحيح إلا أنه وقع في أحد طرقه عمران بن الحكم وهو وهم وفي بعضها عمران أبو الحكم وهو ابن الحارث وهو الصحيح وراه البزار بنحوه.