للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة، وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل، فقالت قريش: قد انتهى رضا ربّك يا عبد المطلب. فقال عبد المطلب: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات. فضربوا على عبد الله وعلى الإبل، وقام عبد المطلب يدعو الله فخرج القدح على الإبل، ثم عادوا الثانية والثالثة، وعبد المطلب قائم يدعو الله فخرج القدح في كلتيهما على الإبل، فنحرت ثم تركت لا يصدّ عنها إنسان ولا سبع.

قال الزهري [ (١) ] : وكان عبد المطلب أول من سنّ دية النفس مائة من الإبل، فجرت في قريش والعرب، وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى الحاكم وابن جرير والأموي [ (٢) ] عن معاوية رضي الله تعالى عنه أن أعرابياً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن الذّبيحين. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم ينكر عليه. فقيل لمعاوية: من الذبيحان؟ قال: إسماعيل وعبد الله.

قال ابن حزم [ (٣) ] رحمه الله تعالى: لا عقب لعبد الله غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصلاً ولم يولد لعبد الله غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ذكر ولا أنثى.

وقال ابن سعد رحمه الله تعالى: لم تلد آمنة ولا عبد الله غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

وأم عبد الله: فاطمة بنت عمرو بن عائذ- بعين مهملة فمثناة تحتية فذال معجمة- ابن عمران ابن مخزوم.


[ (١) ] محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، من بني زهرة بن كلاب، من قريش، أبو بكر: أول من دوّن الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء. تابعي، من أهل المدينة. كان يحفظ ألفين ومائتي حديث، نصفها مسند. وعن أبي الزناد:
كنا نطوف مع الزهري ومعه الألواح والصحف ويكتب كل ما يسمع. نزل الشام واستقرّ بها. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه. قال ابن الجزري: مات بشغب، آخر حدّ الحجاز وأول حدّ فلسطين. توفي ١٢٤ هـ. الأعلام ٧/ ٩٧.
[ (٢) ] الشيخ المحدّث العالم، أبو عبد الله، محمد بن العباس بن يحيى الأمويّ مولاهم الحلبيّ، نزيل الأندلس ومسندها.
سمع من: أبي عروبة الحرّاني، وعليّ بن عبد الحميد الغضائري، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز، ومكحول البيروتي، وأبي الجهم بن طلّاب، ومحمد بن سعيد التّرخمي الحمصي، ووفد على الأمير المستنصر صاحب الأندلس.
حدث عنه أبو بكر محمد بن الحسن الزّبيدي، وأبو الوليد عبد الله بن الفرضي.
قال أبو الوليد: كتبت عنه وقد كفّ بصره، وتوفي في سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة.
[ (٣) ] علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد: عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام. كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم «الحزمية» . ولد بقرطبة. وكانت له ولأبيه من قبله رياسة الوزارة وتدبير المملكة، فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف، فكان من صدور الباحثين فقيها حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة، بعيدا عن المصانعة. وانتقد كثيرا من العلماء والفقهاء، فتمالؤوا على بغضه، وأجمعوا على تضليله وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو منه، فأقصته الملوك وطاردته، فرحل إلى بادية لبلة (من بلاد الأندلس) فتوفي فيها.