للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيّر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا به [ (١) ] .

وروى أبو ذر الهروي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على وسادة حشوها ليف، فقام وقد أثر بجلده، فبكيت فقال: «يا أم سلمة ما يبكيك؟» قلت: ما أرى من أثر هذه، فقال: «لا تبكي، لو أردت أن تسير معي هذه الجبال لسارت» .

وروى عن عطاء بن يسار رحمه الله تعالى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتتني الدنيا خضرة حلوة، ورفعت إلى رأسها، وتزينت لي، فقلت لها: إني لا أريدك لا حاجة لي فيك، فقالت: إنك إن نلت مني لم ينفلت مني غيرك» [ (٢) ] .

وروى الإمام أحمد، وابن حبان عن أبي هريرة، ويعقوب بن سفيان وابن مردويه عن ابن عباس أن جبريل جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليهما، فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال جبريل: إن هذا ملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أن الله تعالى يخيرك بين أن تكون نبيا عبدا أو تكون نبيا ملكا، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى جبريل كالمستشير له، فأشار جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تواضع لربك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بل أكون نبيا عبدا» ، قال ابن عباس: فما أكل بعد تلك طعاما متكئا حتى لقي ربه» [ (٣) ] .

وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لقد هبط علي ملك من السماء ما هبط على نبي قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل، فقال: أنا رسول ربك إليك أمرني أن أخيرك: إن شئت نبيا عبدا وإن شئت نبيا ملكا، فنظرت إلى جبريل فأومأ إلي أن تواضع، فلو أني قلت: نبيا ملكا لسارت الجبال معي ذهبا» [ (٤) ] .

وروى البرقاني وابن أبي شيبة، وابن جرير، عن خيثمة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن شئت أعطيناك خزائن الأرض، ومفاتيحها، ما لم يعط شيء قبلك، ولا نعطيها أحدا بعدك، ولا ينقصك ذلك مما عند الله شيئا، وإن شئت جمعتها لك في الآخرة، فقال: «اجمعوها لي في الآخرة» [ (٥) ] .


[ (١) ] أخرجه البخاري ٣/ ٣٢٧ (١٤٦٥) ومسلم ٢/ ٧٢٨ (١٢٣/ ١٠٥٢) .
[ (٢) ] ذكره الرازي في العلل (١٩٣٠) وأحمد في الزهد (٣٩٩) .
[ (٣) ] ابن المبارك في الزهد (٢٦٥) والطحاوي في المشكل ٣/ ١٦ والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٤٩ وابن كثير في البداية ٦/ ٥٦.
[ (٤) ] الطبراني في الكبير ١٢/ ٣٤٨ وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٢٥٦ وانظر المجمع ٩/ ١٩.
[ (٥) ] أخرجه ابن جرير في التفسير ١٨/ ١٤٠ وابن كثير ٦/ ١٠٤.