للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هيكل حين قال: لقد تحول طه الرجل الذي لا يخضع لغير محكمة النقد والعقل إلى رجل كلف بالأساطير يعمل على إحيائها وإن هذا ليثير كثيرا من التساؤل، إذ إن طه وقد فشل في تثبيت أغراضه عن طريق العقل والبحث العلمي لجأ إلى الأساطير ينمقها ويقدمها للشعب إظهارا لما فيها من أوهام في ظاهرها تفتن الناس.

وقد كان هذا مصدرا لما أورده الأستاذ محمد النائف في كتابه دراسات عن السيرة حيث قال: أن (على هامش السيرة) هو في حقيقته على هامش الشعر الجاهلي ومتمم له. فهو على طريق تطاوله على الإسلام ولكن مع المرواغة والمداهنة.

ومن أبرز ما يلاحظ أنه خلط تاريخ الإسلام بأساطير المسيحية واليهودية وقساوسة مصر والشام وخيبر ونصارى اليمن، كما عنى عناية كبيرة بأساطير اليونان والرومان، وخلط هذا كله خلطا شديدا مع سيرة النبي وأراد بذلك إثارة جو من الاضطراب بين الإسلام المتميز بذاتيته الخاصة وبين ما كان قبل الإسلام من أساطير وخرافات وقد اهتم بتراث اليهود فقدم لهم قصة (مخيرق) اليهودي ...

وقد أخذ في كتابه بالأحاديث الموضوعة وفي نفس الوقت رد أحاديث صحيحة لأنها خالفت هواه، وعوّل كثيرا على الإسرائيليات التي جاءت في تاريخ الطبري وأكثر من إيرادها وحشد قدرا كبيرا من الأساطير في قصة (حفر زمزم) على يد عبد المطلب، وبالغ في قصة ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يثبت منها إلّا حديث واحد وأخذ بالأخبار الموضوعة في قصة (زينب بنت جحش) وجسم بعض المعجزات التي حدثت للرسول صلى الله عليه وسلم عند مرضعته حليمة السعدية وأثناء سفر النبي في تجارة خديجة رضي الله عنها. وقد خص الشياطين باهتمام بالغ فتوسع في الحديث عنهم وصور مؤتمرا يتصدره إبليس للشياطين ورسم صورة للشيطان الذي حضر خلاف قريش على الحجر الأسود وكان على شكل شيخ نجدي.

وعلى ندرة الصفحات التي خصصها لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم- جاءت هذه الصفحات- مملوءة بالمغالطات والذي سلم من التحريف كان للمتعة والتسلية. ومن أخطر مزاعمه أن النبي قد أحبّ زينب وهي زوجة لزيد وهذا بهتان عظيم.

وإذا كان طه حسين قد أشار في المقدمة إلى أنه اهتم باختراع الأحاديث فإنّ الحرية التي أباحها لنفسه لم تكن إلا لهوى معين وهدف واضح هو أن يقدم عن طريق القصص من السموم ما عجز عنه عن طريق النقد والكتابة الأدبية.

يقول (غازي التوبة) في دراسته عن طه حسين وهامش السيرة:

إنّ طه حسين ينصب نفسه إماما للأساطير اليونانية ويضع السيرة في مصاف الإلياذة

<<  <  ج: ص:  >  >>