الكراع يعني من لحوم الأضاحي، فنأكله بعد خمسة عشر يوما، قال عابس [ (١) ] : فقلت: فما كان يحملكم على ذلك؟ فضحكت، وقالت: ما شبع آل محمد من خبز البرّ مأدوما يومين، حتى لحق بالله تعالى.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن يزيد الرّقاشي قال: قدم على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وفد من قبل البصرة فيهم الأحنف بن قيس، فرأوا طعاما خشنا وثوبين خلقين، فكلموا حفصة أن تكلمه في ذلك، فكلمته، فجعل عمر رضي الله تعالى عنه يناشدها الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث عشرين سنة لم يشبع من خبز الشعير؟ لم يشبع ثلاثين يوما تباعا.
وروى ابن سعد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وما شبعنا من الأسودين.
وروى ابن سعد والدارقطني في الإفراد، وصححه عن أبي حازم [ (٢) ] قال: قلت لسهل بن سعد: أكانت المناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما رأيت منخلا في ذلك الزمان، وما
أكل النبي صلى الله عليه وسلّم الشعير منخولا حتى فارق الدنيا، فإن قلت: كيف تصنعون؟ قال: «كنا نطحنها، ثم ننفخ قشرها، فيطير ما طار، ويتمسك ما استمسك» [ (٣) ] .
وروى ابن سعد عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلتوي يومه من الجوع، ما يجد من الدّقل ما يملأ به بطنه [ (٤) ] .
وروى ابن سعد، والإمام أحمد وأبو يعلى وابن أبي شيبة في المصنف عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال: احمدوا الله عز وجل فربما أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلّم اليوم يظل يلتوي ما يشبع من الدّقل، ولفظ ابن أبي شيبة ألستم في طعام وشراب ما شئتم فقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلّم وما يجد الدّقل ما يملأ به بطنه.
وروى ابن أبي الدّنيا وأبو سعد الماليني وأبو الحسن بن الضحاك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا، قلت: يا رسول الله ما أصابك؟ قال: «الجوع» ، فبكيت قال: «لا تبك يا أبا هريرة، فإن شدة الجوع لا تصيب الجائع- يعني يوم القيامة- إذا احتسب في دار الدنيا» .
[ (١) ] عابس بن ربيعة بن عامر العطيفي. الإصابة ٤/ ٢.
[ (٢) ] أبو حازم واسمه عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال بن الحارث بن رزاح بن كلب بن عمرو بن لؤي ابن دهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن بجيلة وهو أبو قبيس بن أبي حازم. طبقات ابن سعد ٦/ ١١٠.
[ (٣) ] تقدم.
[ (٤) ] تقدم.