للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشيخ رحمه الله تعالى: وهذا أصحّ القول في الحديثين، ويؤيد أن هذا هو المراد في الثاني

ما أخرجه أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدّجّال فقال: «يكون معه سبعون ألفا من اليهود مع كل رجل منهم ساج وسيف» .

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى في النهاية: الساج الطيلسان الأخضر، وقيل هو الطيلسان المقوّر، ينسج كذلك.

وقال القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي رحمه الله تعالى: لا يمنع أهل الذّمّة من الطّيلسان، وهو المقوّر الطرفين، المكفوف الجانبين، الملفوف بعضها إلى بعض، ما كانت العرب تعرفه، وهو لباس اليهود قديما، والعجم أيضا، والعرب تسميه ساجا، ويقال إن أول من لبسه من العرب جبير من مطعم، وكان ابن سيرين رحمه الله تعالى يكرهه.

وقال الزركشي رحمه الله تعالى في الخادم: ذكر جماعات من أهل اللغة أن الطّيلسان نوع من الثياب، وهو المراد من لبس اليهود في حديث الدّجّال، وليس هو معروف الآن.

الرابع: قوله لم يكن يفعل التّقنّع عادة بل للحاجة تعقبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بأن في حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يكثر التّقنّع، أخرجه الترمذي في الشمائل وتقدم وذلك.

التنبيه الثالث: قال القاضي رحمه الله تعالى في شرح مسلم في حديث تحويل الرداء في الاستسقاء، فيه دليل أن لبس النبي صلى الله عليه وسلّم للرداء كان على نحو لباس أهل بغداد ومصر والأندلس من كونه على رأسه ومنكبيه غير مشتمل به، ولا متعطف ثم قال: وقد جاء ما يصحح هذا، فقد

ذكر أبو سعد عبد الملك صاحب شرف المصطفى أنه عليه الصلاة والسلام قال: «ألا أخبركم بلبسة أهل الإيمان» ، فلبس رداءه، وألقاه على رأسه، وتقنّع به، ورفع بيده اليمنى على منكبه الأيسر انتهى.

التنبيه الرابع: قال الحكيم الترمذي رحمه الله تعالى عقب إيراد حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: الأردية ألبسة أهل الإيمان إلخ- الالتفاع والالتحاف بمعنى واحد، وهو استتار، وإنما قيل ألبسة أهل الإيمان لأنه يقدر مع ذلك على التّقنّع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكثر التّقنّع، وذلك أن الذي يعلوه الحياء من ربه يلجأ إلى ذلك لأن الحياء في العين والفم، وهما من الرأس والحياء من عمل الروح، وسلطان الروح في الرأس.

وروي في الخبر أن أخلاق النبيين التّقنّع، فهذا من الحياء، وكذلك أهل اليقين من بعدهم، وهم الأولياء رضي الله تعالى عنهم، وهذا دأبهم وشأنهم.