للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخراجكم منه وتسكنونه فتسودوا العرب أبداً. فقالوا: أنت سيدنا ورأينا تبع لرأيك. فجمعهم ثم أصبح بهم في الحرم حول الكعبة.

وكان قصيّ أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكاً أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء، وحاز شرف مكة كله جميعاً. فسمى مجمّعاً لجمعه قومه.

وفي ذلك قال الشاعر:

أبوكم قصيّ كان يدعى مجمّعاً ... به جمع الله القبائل من فهر

وأنتم بنو زيدٍ وزيدٌ أبوكم ... به زيدت البطحاء فخراً على فخر

وبنى دار الندوة. والندوة في اللغة: الاجتماع. لأنهم كانوا يجتمعون فيها للمشورة وغير ذلك، فلا تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش، ولا يتشاورون في أمر إلا في داره، ولا يعقدون لواء حرب إلا فيها يعقدها لهم قصي أو بعض بنيه.

قال أبو عبيدة: ولما ولي قصي أمر مكة قال: يا معشر قريش، إنكم جيران الله وجيران بيته، وأهل حرمه، وإن الحاج زوّار بيت الله فهم أضياف الله وأحق الأضياف بالكرامة أضياف الله فترافدوا، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام الحج حتى يصدروا، ولو كان مالي يسع ذلك قمت به، ففرض عليهم خرجا تخرجه قريش من أموالها فتدفعه إليه فيصنع به طعاماً وشراباً ولبناً وغير ذلك للحاج بمكة وعرفة فجرى ذلك من أمره حتى قام الإسلام.

قال السهيلي رحمه الله تعالى: وكان قصيّ يسقي الحجيج في حياض من أدمٍ ينقل إليها الماء من بئر ميمون وغيرها خارج مكة، وذلك قبل أن يحفر العجول.

وروى البلاذري عن معروف بن خرّبوذ وغيره قالوا: كانت قريش قبل قصي تشرب من بئر حفرها لؤي بن غالب خارج مكة ومن حياض ومن مصانع على رؤوس الجبال ومن بئر حفرها مرة بن كعب مما يلي عرفة. فحفر قصي بئراً سماها العجول، وهي أول بئر حفرتها قريش بمكة وفيها يقول رجّاز الحاج:

نروي [من] العجول ثمّ ننطلق ... إنّ قصيّا قد وفى وقد صدق

بالشّبع للنّاس وريّ مغتبق

وقال آخر:

آب الحجيج طاعمين دسما ... أشبعهم زيد قصيّ لحما

ولبناً محضاً وخبزاً هشما

خرّبوذ بفتح المعجمة وتشديد الراء وبسكونها ثم بموحدة مضمومة وواو ساكنة. وآب.

بالمد: رجع.