للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشبهها من المال لمضر. وهذا الخباء الأسود وما أشبهه لربيعة. وهذه الخادم وكانت شمطاء وما أشبهها لإياد. وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه وقال البلاذري رحمه الله تعالى إنه أوصى له بحمار وفي ذلك قال الشاعر:

نزارٌ كان أعلم إذ تولى ... لأيّ بنيه أوصى بالحمار

وقال لهم: إذا أشكل عليكم الآمر في ذلك واختلفتم في القسمة فعليكم بالأفعى الجرهمي، وكان بنجران.

فلما مات نزار اختلفوا وأشكل عليهم أمر القسمة فتوجهوا إلى الأفعى، فبينما هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر كلأً قد رعى فقال: إنّ البعير الذي رعى هذا لأعور. فقال ربيعة: وهو أزور. وقال إياد: وهو أبتر. وقال أنمار وهو شرود. فلم يسيروا إلا قليلا حتى لقيهم رجل توضع به راحلته فسألهم عن البعير فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم. قال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم.

قال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم. قال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم هذه والله صفة بعيري دلّوني عليه فحلفوا له أنهم ما رأوه. فلزمهم وقال كيف أفارقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته؟ فساروا وسار معهم حتى قدموا نجران فنزلوا بالأفعى الجرهمي، فحاكمهم صاحب الجمل إلى الأفعى وقال:

بعيري وصفوا لي صفته ثم قالوا لم نره.

فقال لهم الأفعى: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال له مضر: رأيته يرعى جانباً ويترك جانباً فعرفت أنه أعور. وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتةً والأخرى فاسدة الأثر فعلمت أنه أفسدها بشدة وطئه وطلبه لازوراره وقال إياد: عرفت بتره باجتماع بعره ولو كان ذيّالاً لمصع به. وقال أنمار: عرفت أنه شرود بأنه كان يرعى في المكان الملتفّ نبته ثم يجوزه إلى مكان أرقّ منه وأخبث. وحلفوا أنهم ما رأوه. فقال الأفعى: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه.

ثم سألهم من أنتم؟ فأخبروه فرحّب وقال: تحتاجون إليّ وأنتم في جزالتكم وصحة عقولكم وآرائكم على ما أرى؟!.

ثم خرج عنهم وأرسل إليهم بطعام فأكلوا وبشراب فشربوا فقال مضر: لم أر خمراً أجود منها لولا أنها نبتت على قبر. وقال ربيعة: لم أر كاليوم لحماً أطيب لولا أنه ربي بلبن كلب وقال إياد: لم أر كاليوم رجلاً أسرى لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له. وقال أنمار: لم أر كاليوم كلاماً أنفع في حاجتنا. وسمع الأفعى كلامهم فقال: ما هؤلاء الشياطين، ثم أتى أمّه فسألها فأخبرته أنها كانت تحت ملك لا يولد له فكرهت أن يذهب الملك فأمكنت رجلاً نزل بنا فجئت أنت منه. وقال للقهرماني: الخمر الذي شربنا ما أمرها؟ قال: من حبلة غرستها على قبر أبيك. وسأل الراعي عن اللحم فقال: شاة أرضعناها من لبن كلبة ولم يكن في الغنم غيرها.