العميقة التي تتميز بها شخصية الرسول بوصفه نبيا مرسلا أو تلك التي هداه إليها الإسلام، وأن تميزه هذا يختلف عن البطولات والعبقريات البشرية الأخرى.
ومن هنا يبدو النقص في وزن النبي صلى الله عليه وسلم بالعبقريات البشرية الأخرى.
كذلك فإن هذا التميز الذي عرفت به شخصية محمد صلى الله عليه وسلّم «نبيّاً ومرسلا وهاديا» .
تختلف في المقارنة بينه وبين الأبطال العالميين الآخرين من ناحية كما أنّ شخصيته تختلف بينه وبين أبي بكر وعمر وغيرهم.
لقد تحدث العقاد عن الجانب المادي في شخصية الرسول وحجب تماما الجانب الروحي المتصل بالوحي وأظهره كمجرد إنسان يعمل بمواهب ممتازة وملكات خاصة وهكذا فإن (العبقرية) التي حاول العقاد أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلالها، كان حجمها ضيقا ومجالها ناقصا، وأخطر ما أخذ عليه هو أنه لم يظهر أثر الإسلام في بناء شخصية الرسول وهو العامل الأكبر في حياته وتصرفاته على النحو الذي وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها (كان خلقه القرآن) هذه الربانية الخالصة التي تعلو على طوابع البشر. وقد وصفها القرآن في قوله تعالى:
كذلك فقد تحدث عن افتتان المسلمين بشخص الرسول وانبهارهم بمواهبه واعتبر إعجابهم به سببا وحيدا لدخولهم في الإسلام وعزا اجتماع الصداقات المتنوعة حوله بأنه كان نتيجة لمزاياه النفسية، وبذلك أنكر أثر عظمة الإسلام نفسه في إيمان أصحاب النبي، وليس من شك أنّ إعجاب المسلمين بالرسول له أهميته في مرحلة الدخول في الإسلام ولكن تقدير المسلمين للإسلام هو العامل الذي ثبتهم بعد ذلك على الإيمان بالإسلام وحفزهم للدفاع عنه.
إنّ الأستاذ العقاد وقد حارب مذهب التفسير المادي للتاريخ الذي قدمه ماركس والشيوعية حربا لا هوادة لها خضع مع الأسف للمذهب النفسي المادي الذي لا يعترف بالآثار المعنوية المترتبة على الإيمان والعقيدة في بناء الشخصية كما تجاهل جانب الغيبيات ولم يفهم النبوة فهما صحيحا، ولذلك فإنّ الجانب الروحي القادر على العطاء في بناء الشخصيات والذي صنع شخصية رسول الإسلام تراه باهتا غائما عنده، وذلك لأنه اعتمد في دراسة الشخصيات والبطولات على مذاهب غربية تتجاهل النبوة والوحي والغيبيات والمعجزات، ولا تجعل هذه العوامل الروحية والمعنوية أي وزن وأي اعتبار وإنما قامت على جوانب الحس وتركيب الإنسان المادي والوراثيات وغيرها.