القران، فإن صرنا إلى تساقط رواياتهم سلمت رواية من عداهم للقران عن معارض، وإن صرنا إلى الترجيح وجب الأخذ برواية من لم تضطرب الرواية عنه ولا اختلف كعمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب وأنس، والبراء وعمران بن حصين، وأبي طلحة، وسراقة بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن أبي أوفى، وهرماس بن زياد.
الثامن: أنّه النسك الذي أمر به من ربه، كما تقدم فلم يكن ليعدل عنه.
التاسع: أنه النسك الذي أمر به كل من ساق الهدي، فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدي ثم يسوق هو الهدي ويخالفه.
العاشر: أنه النسك الذي أمر به له ولأهل بيته، واختاره لهم، ولم يكن يختار لهم إلا ما اختار لنفسه.
الحادي عشر:
قوله: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» ،
يقتضي أنها صارت جزءا منه أو كالجزء الداخل فيه بحيث لا يفصل بينه وبينه، وإنما يكون كالداخل في الشيء معه.
الثاني عشر: قول عمر: للصّبيّ بن معبد- وقد أهلّ بحج وعمرة- فأنكر عليه زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فقال له عمر: هديت لسنّة نبيك- صلى الله عليه وسلّم- وهذا يوافق رواية عمر أنه الوحي جاء من الله بالإهلال بهما جميعا، فدل على أن القران سنة التي فعلها وامتثل أمر الله تعالى بها.
قال ابن كثير: والجمع بين رواية من روي أنه أفرد الحج وبين رواية من روى القران، أنه أفرد أفعال الحج ودخلت فيه العمرة نيّة وفعلا وقولا، واكتفى بطواف الحج وسعيه عنه وعنها، كما في مذهب الجمهور في القران خلافا لأبي حنيفة.
وأما من روى التمتع وصح عنه: أنه روى القران، فالتمتّع في كلام السلف أعم من التمتع الخاص والأوائل يطلقونه على الاعتمار في أشهر الحج وإن لم يكن معه حج، قال سعد بن أبي وقاص تمتعنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وإنما يريد بهذا إحدى العمرتين المتقدمتين:
إمّا الحديبية، وإمّا القضاء، فأما عمرة الجعرانة، فقد كان معاوية قد أسلم- فإنها كانت بعد الفتح، وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر.
قلت: وأما الحديث ابن عمر وعائشة السابقان فقد رويا التمتع فهو مشكل على الأقوال، أما قول الإفراد ففي هذا إثبات عمرة إما قبل الحج أو معه، وإما على قول التمتع الخاص فإنه ذكر أنه لم يحل من إحرامه بعد ما طاف بالصفا والمروة، وليس هذا شأن المتمتع، ومن زعم أنه إنما منعه من التحلل سوق الهدي، كما قد يفهم من حديث ابن عمر.