عيص، وكان قد آتاه الله علماً كثيراً، وكان يلزم صومعة له ويدخل مكة فيلقى الناس ويقول:
يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة تدين له العرب ويملك العجم هذا زمانه، فمن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن أدركه وخالفه أخطأ حاجته، وبالله ما تركت أرض الخمر والخمير والأمن وحللت أرض البؤس والخوف إلا في طلبه. فكان لا يولد بمكة مولود إلا يسأل عنه فيقول: ما جاء بعد. فلما كان صبيحة اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عبد المطلب حتى أتى عيص فوقف على أصل صومعته فناداه فقال: من هذا؟ فقال: أنا عبد المطلب.
فأشرف عليه فقال: كن أباه فقد ولد ذلك المولود الذي كنت أحدثكم عنه يوم الاثنين ويبعث يوم الاثنين وإنّ نجمه طلع البارحة، وآية ذلك أنه الآن وجع فيشتكي ثلاثا ثم يعافى، فاحفظ لسانك فإنه لم يحسد حسده أحد، ولم يبغ على أحد كما يبغى عليه. قال: فما عمره؟ قال: إن طال عمره لم يبلغ السبعين يموت في وترٍ دونها في الستين في إحدى وستين أو ثلاث وستين.