تردّى لمولودٍ أضاءت لنوره ... جميع فجاج الأرض بالشّرق والغرب
وخرّت له الأوثان طرّا وأرعدت ... قلوب ملوك الأرض طرّا من الرّعب
ونار جميع الفرس باخت (٣) وأظلمت ... وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
وصدّت عن الكهّان بالغيب جنّها ... فلا مخبرٌ منهم بحقّ ولا كذب
فيا لقصيّ إرجعوا عن ضلالكم ... وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
الفجاج: جمع فج وهو الطريق الواسع بين الجبلين. وقيل في جبل. باخت: خمدت.
هبّ النائم هبّا وهبوباً: استيقظ.
وروى الخرائطي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل يذكران أنهما أتيا النجاشيّ بعد رجوع أبرهة من مكة، قالا: فلما دخلنا عليه قال: أصدقاني أيّها القرشيان: هل ولد فيكم مولود أراد أبوه ذبحه فضرب عليه بالقداح فسلم ونحرت عنه جمال كثيرة؟ فقلنا نعم. قال: فهل لكما علم به ما فعل؟ قلنا: تزوّج امرأة منا يقال لها آمنة تركها حاملاً وخرج. قال: فهل تعلمان ولدت أم لا؟ قال ورقة: أخبرك أيها الملك. إني قد قربت عند وثن لنا إذ سمعت من جوفه هاتفاً يقول:
ولد النّبيّ فذلّت الأملاك ... ونأى الضّلال وأدبر الإشراك
ثم تنكّس الصنم على رأسه. فقال زيد: عندي خبره أيها الملك، إني في مثل هذه الليلة خرجت حتى أتيت جبل أبي قبيس إذ رأيت رجلاً ينزل له جناحان أخضران فوقف على أبي قبيس ثم أشرف على مكة فقال: ذلّ الشيطان وبطلت الأوثان وولد الأمين. ثم نشر ثوباً معه وأهوى به نحو المشرق والمغرب فرأيته قد جلّل ما تحت السماء وسطع نورٌ كاد يخطف بصري، وهالني ما رأيت وخفق الهاتف بجناحيه حتى سقط على الكعبة فسطع له نور أشرقت له تهامة وقال: زكت الأرض وأدّت ربيعها. وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة فسقطت كلها.
قال النجاشي: أخبركما عما أصابني: إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبّتي وقت خلوتي إذ خرج عليّ من الأرض عنق ورأس وهو يقول: حلّ الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طيرٌ أبابيل بحجارة من سجّيل، هلك الأشرم المعتدي المجرم، وولد النبي المكي الحرمي، من أجابه سعد ومن أباه عند، ثم دخل الأرض فغاب فذهبت أصيح فلم أطق الكلام ورمت القيام فلم أطق القيام فأتاني أهل فقلت: احجبوا عني الحبشة فحجبوهم فأطلق الله لساني ورجلي.
وروى ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: لما ولد