للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرزق من ذلك فهو الذي لا يولد له ولم يقله صلى الله عليه وسلم إبطالا لتفسيره اللّغويّ، وهذا كقوله: إنما المحروب من حرب دينه. ونقله كما قال الحافظ الدّمياطي ما تعدون المفلس؟ قالوا: الذي لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا من الألفاظ التي نقلها عن وضعها اللغوي لضرب من التّوسّع والمجاز، والسّائل: الفقير فنقله صلى الله عليه وسلم أيضا.

وروى الإمام أحمد عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تمرّ بنا جنازة الكافر، فنقوم؟ قال: نعم، فإنّكم لستم تقومون لها، إنما تقومون إعظاما للذي خلق النّفوس.

وروى الشيخان عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: مرّت جنازة، فقام لها رسول الله، فقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله، إنها يهودية، فقال: «إنّ للموت فزعا، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا» .

وروى الإمام أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال: لما مات عبد الله بن أبيّ بن سلول دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم للصّلاة عليه، فقام إليه فلمّا وقف عليه يريد الصّلاة، تحولت عنه فقمت في صدره، فقلت: يا رسول الله، أعلى عدوّ الله تصلّي؟ عبد الله بن أبي القائل يوم كذا وكذا، والقائل يوم كذا وكذا، أعدد أيامه الخبيثة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى أكثرت عليه، فقال: أخر عنّي يا عمر، إنّي خيّرت فاخترت قد قيل لي اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التوبة/ ٨٠] فلو أعلم أني لو زدتّ على السبعين غفر لهم لزدتّ، ثم صلّى عليه ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه

فتعجّبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ [التوبة/ ٨٤] فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق ولا قام على قبره حتى قبضة الله- عز وجل-.

وروى تمام وابن عساكر عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي أصابها حمل فلم تفطر حتى ماتت قال: «اذهب فصلّ عليها فإن أمك قتلت نفسها» .

وروى الإمام أحمد والنسائي عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال: [سمعت] رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان.

وروى أبو داود عن أبي أسيد- بضم الهمزة وفتح السين- هو مالك بن ربيعة الساعدي- رضي الله تعالى عنه- قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من بني