كان من كرباس غليظ لا يساوي خمسة دراهم. قالت: فعاتبته في ذلك فقال: ألبس ثوباً بخمسة دراهم وأتصدّق بالباقي خير من أن ألبس ثوباً مثمناً وأدع الفقير والمسكين.
وقد أثنى عليه الأئمة، منهم الحافظ أبو شامة شيخ النّووي في كتابه «الباعث على إنكار البدع والحوادث» وقال: مثل هذا الحسن يندب إليه ويشكر فاعله ويثنى عليه.
قال ابن الجوزيّ: لو لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وإدعام أهل الإيمان.
وقال العلامة ابن ظفر- رحمه الله تعالى-: بل في الدرّ المنتظم: وقد عمل المحبون للنبي صلى الله عليه وسلم فرحاً بمولده الولائم-، فمن ذلك ما عمله بالقاهرة المعزّية من الولائم الكبار الشيخ أبو الحسن المعروف بابن قفل قدس الله تعالى سره، شيخ شيخنا أبي عبد الله محمد بن النعمان، وعمل ذلك قبل جمال الدين العجمي الهمذاني وممن عمل ذلك على قدر وسعه يوسف الحجّار بمصر وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحرّض يوسف المذكور على عمل ذلك.
قال: وسمعت يوسف بن علي بن زريق الشامي الأصل المصري المولد الحجّار بمصر في منزله بها حيث يعمل مولد النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام منذ عشرين سنة وكان لي أخ في الله تعالى يقال له الشيخ أبو بكر الحجّار فرأيت كأنني وأبا بكر هذا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم جالسين، فأمسك أبو بكر لحية نفسه وفرقها نصفين وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم كلاماً لم أفهمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم مجيباً له: لولا هذا لكانت هذه في النار. ودار إليّ وقال: لأضربنك.
وكان بيده قضيب فقلت: لأي شيء يا رسول الله؟ فقال: حتى لا تبطل المولد ولا السّنن. قال يوسف: فعملته منذ عشرين سنة إلى الآن. قال: وسمعت يوسف المذكور يقول: سمعت أخي أبا بكر الحجّار يقول: سمعت منصوراً النشّار يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول لي: قل له لا يبطله. يعني المولد ما عليك ممن أكل وممن لم يأكل. قال: وسمعت شيخنا أبا عبد الله بن أبي محمد النّعمان يقول: سمعت الشيخ أبا موسى الزّرهونيّ يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فذكرت له ما يقوله الفقهاء في عمل الولائم في المولد فقال صلى الله عليه وسلم: «من فرح بنا فرحنا به» .
وقال الشيخ الإمام العلامة نصير الدين المبارك الشهير بابن الطبّاخ في فتوى بخطه: إذا أنفق المنفق تلك الليلة وجمع جمعاً أطعمهم ما يجوز إطعامه وأسمعهم ما يجوز سماعه ودفع للمسمع المشوّق للآخرة ملبوساً، كلّ ذلك سروراً بمولده صلى الله عليه وسلم فجميع ذلك جائز ويثاب
[ (-) ] أبوه وأهله من قرية دوين وهم بطن من الروادية، من قبيلة الهذانية، من الأكراد. نزلوا بتكريت، وولد بها صلاح الدين، وتوفى فيها جده شاذي. ثم ولي أبوه أيوب أعمالا في بغداد والموصل ودمشق. ونشأ هو في دمشق، وتفقه وتأدب وروى الحديث بها وبمصر والإسكندرية، وحدّث في القدس. وتوفي سنة ٥٨٩ هـ. الأعلام ٨/ ٢٢٠، ووفيات الأعيان ٢/ ٣٧٦.