فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله، طهّرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله:«ممّ أطهّرك؟» قال: من الزنا، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبه جنون؟
فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، فقال: أزنيت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم، فلبثوا يومين أو ثلاثة، ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«استغفروا لماعز بن مالك، لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم» ، ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله، طهّرني، فقال:«ويحك ارجعي، فاستغفري الله وتوبي إليه» ، فقالت: تريد أن تردّني كما رددت ماعز بن مالك، إنها حبلى من الزنا! فقال: أنت؟ قالت:
نعم، قال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدية، فقال:«إذن لا نرجمها، وندع ولدها صغيرا، ليس له من ترضعه؟» فقام رجل من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله، قال فرجمها» .
وروى الشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال سعد بن عبادة- رضي الله تعالى عنه-: يا رسول الله، أرأيت إن وجدتّ مع أهلي رجلا لم أمسّه حتّى آتي بأربعة شهود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم» قال: كلّا، والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسّيف قبل ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اسمعوا إلى ما يقول سيّدكم. إنّه لغيور وأنا أغير منه. والله أغير مني» .
وروى الشيخان عن سهل بن سعد، قال جاء عويمر إلى عاصم بن عدي- رضي الله تعالى عنه- فقال: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد أنزل القرآن فيك وفي صاحبتك، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة بما سمّى الله في كتابه فلاعنها، ثم قال: يا رسول الله، أن حبستها فقد ظلمتها، فطّلقها فكانت سنّة لمن بعدهما في المتلاعنين ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج السّاقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنّه وحرة، فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها
فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر فكان بعد ينسب إلى أمّه.
وروى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني وأبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فقال: يا رسول الله، اقض بكتاب الله فقام خصمه فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرّجم، فافتديت بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم فزعموا إن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. فقال: والذي نفسي بيده، لأقضيّن بينكما بكتاب الله،