للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أصحابه يحدثهم قد عصب بطنه بعصابة، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه فقالوا: من الجوع، فذهبت إلى أبي طلحة فأخبرته فدخل على أمي فقال: هل من شيء؟

قالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات، فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه بأحد قلّ عنهم، فقال لي أبو طلحة: قم قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قام فدعه حتى يتفرق عنه أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه، فقل: أبي يدعوك، ففعلت ذلك، فلما قلت:

أبي يدعوك، قال لأصحابه: «يا هؤلاء تعالوا» ثم أخذ بيدي فشدها، ثم أقبل بأصحابه حتى إذا دنونا من بيتنا أرسل يدي فدخلت وأنا حزين لكثرة من جاء به، فقلت: يا أبتاه، قد قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قلت لي فدعا أصحابه، وقد جاء بهم، فخرج أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندي ما يشبع من أرى، فقال:

رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخل، فإن الله سيبارك فيما عندك، فدخلت فقال: «اجمعوا ما عندكم ثم قربوه» فقرّبنا ما كان عندنا من خبز وتمر، فجعلناه على حصير فدعا فيه بالبركة، فقال: «يدخل عليّ ثمانية» فأدخلت عليه ثمانية، فجعل كفّه فوق الطعام، فقال: «كلوا وسمّوا الله عز وجل» فأكلوا من بين أصابعه حتى شبعوا، ثم أمرني أن أدخل عليه ثمانية فما زال ذلك أمره حتى دخل عليه ثمانون رجلا كلّهم يأكل حتى يشبع، ثم دعاني وأمي وأبا طلحة، فقال: «كلوا» ، فأكلنا حتى شبعنا، ثم رفع يده، فقال: يا أمّ سليم، أين هذا من طعامك حين قدّمتيه؟ فقالت:

بأبي أنت وأمي، لولا أني رأيتهم يأكلون لقلت: ما نقص من طعامنا شيء [ (١) ] .

قصة أخرى.

روى الإمام أحمد في الزهد والبزار والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عن شيء فدخل يطلب له فأصابه لقمة في بعض حجره، فأخذها، ففتها أجزاء، ووضع يده عليها ثم قال: «كل» ، فأكل الأعرابي حتى شبع وفضلت منه فضلة فجعل الأعرابي ينظر إليه ويقول: إنك لرجل صالح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلم» فجعل يأبى الإسلام ويقول إنك لرجل صالح [ (٢) ] .

تنبيه في بيان غريب ما سبق:.

العرق [.....] .

الأرغفة [قطعة من العجين تخبز] .


[ (١) ] أخرجه مسلم (١٤٣/ ٢٠٤٠) والبيهقي في الدلائل ١/ ٩٦٣ وأبو نعيم في الدلائل ١٤٨ وانظر المجمع ٨/ ٣٠٦.
[ (٢) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٨/ ٣١٣، ٣١٤ وقال رواه البزار وفيه السري بن عاصم وهو كذاب.