تعالى قال لموسى بن عمران حين كلمه: واعلم أن من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض بنفسه ودعاني إليها، فأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أيظن الذي يحاربني أن يقوم لي أو يظن الذي يغازيني أن يعجزني، أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أكل نصرتهم إلى غيري» فتأمل رحمك الله هذا التهديد الشديد لمن آذى أحدا من أولياء الله تعالى، والخائض في هذا الوادي، المتضمن بسالكه إلى المهالك، إنما يضر نفسه، ولا يلتحق بالولي شيء من ذلك، وما مثله إلا كما قيل:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وقال غيره:
ما يضر البحر زاخرا ... إن رمى فيه صغير بحجر
ورحم الله الإمام العالم العلامة الشيخ شهاب الدين المنصوري حيث قال:
أجدر الناس بالعلا العلماء ... فهم الصالحون والأولياء
سادة ذو الجلال أثنى عليهم ... وعلى مثلهم يطيب الثناء
وبهم تمطر السماء وعنا ... يكشف السوء ويزول البلاء
خشيه الله فيهم ذات حضرا ... ففي غيرهم يكون العلاء
فالبرايا جسم وهم فيه روح ... والبرايا موتى وهم أحياء
فتعفف عن لحمهم فهو سم ... حل منه الضنا وعز الشفاء
قد سموا قطبة وزادوا ذكاء ... فعمى عليهم الأنباء
قلت للجاهل المشاقق فيهم ... هل جزاء الشقاق إلا الشقاء
قد رأينا لكل دهر عيونا ... ولعمري هم للعيون ضياء
لا يسألون ما يقول جهول ... أنهيق كلامه أم عواء
وإذا الكلب في ظلام الليالي ... شبح الأرض لا تبالي السماء
فلبسوا بالشقاء كل جهول ... ولتفز بالسعادة العلماء
قال الإمام الحافظ أبو القاسم علي بن عساكر رحمه الله تعالى في كتابه «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري» لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقضيهم معلومة.