وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ [آل عمران ٤٩] وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم الذراع المسمومة، وهذا الإحياء أبلغ من إحياء الإنسان الميت من وجوه: أحدها: إنه إحياء جزء من الحيوان دون بقيته، وهذا معجز لو كان متصلا بالبدن.
الثاني: أنه إحياء وحدة منفصلة عن بقية أجزاء ذلك الحيوان مع موت البقية.
الثالث: أنه أعاد عليه الحياة مع الإدراك والعقل، ولم يكن هذا الحيوان يعقل في حياته فصار جزؤه حيا يعقل.
الرابع: أنه أقدره الله تعالى على النطق والكلام، ولم يكن الحيوان الذي هو جزؤه مما يتكلم وفي هذا ما هو أبلغ من حياة الطيور التي أحياها الله تعالى لإبراهيم عليه الصلاة والسلام وقال ابن كثير: وفي حلول الحياة والإدراك والعقل في الحجر الذي كان يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام ما هو أبلغ من حياة الحيوان في الجملة، لأنه كان محلا للحياة في وقت بخلاف هذا حيث لا حياة له بالكلية قبل ذلك، وكذلك تسليم الأحجار والمدر والشجر، وحنين الجذع، وجعله أبو نعيم نظير خلق الطين طيرا، وجعل العسيب سيفا، كما تقدم وقال تعالى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ: يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ [المائدة ١١٢] وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم إنه أتى بطعام من السماء في عدة أحاديث تقدمت.
وروى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل أهله فرأى ما بهم من الحاجة، فخرج إلى البرية فقالت امرأته: اللهم، ارزقنا ما نعتجن ونختبز قال: فإذا الجفنة ملأى خميرا، والرحى تطحن، والتنور ملأى خبزا وشواء قال: فجاء زوجها وسمع الرحى، فقامت إليه لتفتح له الباب، فقال: ماذا كنت تطحنين؟ فأخبرته وإن رحاها لتدور وتصب دقيقا، فلم يبق في البيت وعاء إلا ملئ فرفع الرحى فنكس ما حوله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما فعلت بالرحى؟» قال: رفعتها ونفضتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو تركتموها ما زالت كما هي لكم حياتكم» ، وفي رواية:«لو تركتها دارت إلى يوم القيامة» ،
وقال تعالى: يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ [آل عمران ٤٦] وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم كما تقدم بيانه.
روى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما ولد عيسى عليه الصلاة والسلام لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه وقد تقدم في باب ولادة نبينا صلى الله عليه وسلم نظير ذلك، وأوتي عيسى الرفع إلى السماء، قال أبو نعيم: وقد وقع ذلك لجماعة من أمة نبينا صلى الله عليه وسلم، منهم عامر بن فهرة، وخبيب والعلاء بن الحضرمي، وقال ابن الزملكاني: ومما أوتيه عيسى الإبراء من الجنون، وقد أبرأ نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك كما تقدم، وأوتي عيسى المشي على الماء، وقد وقع ذلك لغير