الكتب، وأتت عليه أربعمائة سنة إلا عشر سنين، فقال: أحسبك حرميا؟ قلت: نعم، وأحسبك قرشيا؟ قلت: نعم، قال: وأحسبك يتيما؟ قلت: نعم، قال: بقيت لي منك واحدة، قلت: ما هي؟ قال: تكشف عن بطنك، قلت: ولم ذاك؟ قال: أجد في العلم الصادق أن نبيا يبعث في الحرم يعاون عليه أمره، فتى وكهلا، فأما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف على بطنه شامة وعلى فخذه اليسرى علامة، وما عليك إلا أن تريني، فقد تكاملت لي فيك الصفة، إلا ما خفي علي. فقال أبو بكر الصديق: فكشفت له عن بطني فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو، ورب الكعبة.
وروى ابن عساكر عن الربيع عن أنس رضي الله عنه قال: مكتوب في الكتاب الأول:
مثل أبي بكر رضي الله عنه كمثل القطر أينما يقع نفع.
وروى ابن عساكر عن أبي بكر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل من أهل الكتاب: ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب؟ قال: خليفة رسول الله وصديقه.
وروى الدينوري في المجالسة وابن عساكر من طريق زيد بن أسلم قال: أخبرنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: خرجت مع ناس من قريش، في تجارة إلى الشام في الجاهلية فذكر قصته، قال: فانتهيت إلى دير فاستظللت في ظله فخرج إلي رجل، فقال: يا عبد الله، ما يجلسك هاهنا؟ قلت: أضللت عن أصحابي، فجاءني بطعام وشراب، وصعد في النظر وخفضه. ثم قال: يا هذا، قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أعلم مني بالكتاب، وإني أجد صفتك التي تخرجنا من هذا الدير، وتغلب على هذه البلدة، قلت: أيها الرجل، قد ذهبت في غير مذهب، قال: ما اسمك؟ قلت: عمر بن الخطاب، قال: والله أنت صاحبنا، فهو غير شك فاكتب لي على ديري وما فيه، قلت: أيها الرجل، قد صنعت معروفا، فلا تكدره، فقال: اكتب لي كتابا في رق كيس عليك فيه شيء فإن تك صاحبنا فهو ما نريد، وإن تكن الأخرى، فليس يضرك، قلت: هات، فكتبت له ثم ختمت عليه، فلما قدم عمر الشام في خلافته، أتاه ذلك الراهب، وصاحب دير القدس بذلك الكتاب، فلما رآه عمر تعجب منه، وأنشأ يحدثنا حديثه، فقال: أوف لي بشرطي، فقال: ليس لعمر ولا لابن عمر منه شيء.
وروى ابن سعد عن ابن مسعود، وعبد الله ابن الإمام أحمد، في زوائد الزهد، عن أبي عبيدة رضي الله عنهما قالا: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركض فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكشف ثوبه عن فخذه، فرأى أهل نجران أن بفخذه شامة سوداء فقالوا: هذا الذي نجد في كتابنا أنه يخرجنا من أرضنا، وروى أبو نعيم من طريق شهر بن حوشب عن كعب، قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالشام: إنه مكتوب في هذه الكتب، إن