للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيينة وابن جرير وابن وهب وخلائق، ونسبه أبو عمرو لأكثر العلماء [ (١) ] .

وقيل المراد: سبع لغات، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وثعلب والأزهري وآخرون واختاره ابن عطية، وصححه البيهقي في الشعب وتعقب بأن لغات العرب أكثر من سبعة وأجيب بأن المراد أفصحها [ (٢) ] .

قال أبو عبيدة: ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات بل اللغات السبع مفرقة فيه، فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن وغيرهم [قال: وبعض اللغات أسعد بها من بعض، وأكثر نصيبا] .

قال البيهقي: والمراد بالسبعة الأحرف في حديث ابن مسعود رضي الله عنه الأنواع التي نزل عليها، والمراد بها في تلك الأحاديث اللغات التي يقرأ بها.

وقال غيره: من أول الأحرف السبعة بهذا فهو تأويل فاسد، لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه أو حلالا لا ما سواه، ولأنه لا يجوز أن يكون القرآن على أنه حلال كله أو حرام كله أو أمثال كله.

وقال ابن عطية: هذا القول ضعيف، لأن الإجماع على أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تحريم حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة [ (٣) ] .

وقال أبو علي الأهوازي وأبو العلاء الهمداني: أشهد أن قوله في الحديث «زاجر وآمر» الخ استئناف كلام آخر، أي هو زاجر أي القرآن، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم


[ (١) ] ويدل له ما أخرجه أحمد والطبراني من حديث أبي بكرة «أن جبريل قال: يا محمد أقرأ القرآن على حرف، قال ميكائيل: استزده ... حتى بلغ سبعة أحرف، قال: كل شاف كاف، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب، نحو قولك: تعال، وأقبل وهلمّ واذهب وأسرع وعجّل» . هذا اللفظ رواية أحمد، وإسناده جيد. وأخرج أحمد والطبراني أيضا عن ابن مسعود نحوه. وعند أبي داود عن أبي: «قلت: سميعا عليما عزيزا حكيما، ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب» .
[ (٢) ] فجاء عن أبي صالح، عن أبي عباس، قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن. قال: والعجز:
سعد بن بكر وجشم بن بكر ونصر بن معاوية وثقيف، وهؤلاء كلهم من هوازن. ويقال لهم: عليا هوازن ولهذا قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم- يعني بني دارم.
وأخرج أبو عبيد من وجه آخر، عن ابن عباس، قال: نزل القرآن بلغة الكعبين: كعب قريش وكعب خزاعة، قيل، وكيف ذاك؟ قال: لأن الدار واحدة- يعني أن خزاعة كانوا جيران قريش فسهلت عليهم لغتهم.
وقال أبو حاتم السّجستاني: نزل بلغة قريش وهذيل وتميم والأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر، واستنكر ذلك ابن قتيبة وقال: لم ينزل القرآن إلا بلغة قريش، واحتج بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ [إبراهيم ٤] فعلى هذا تكون اللغات السبع في بطون قريش، وبذلك جزم أبو عليّ الأهوازيّ.
[ (٣) ] وقال الماورديّ: هذا القول خطأ، لأنه صلّى الله عليه وسلم أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف وإبدال حرف بحرف، وقد أجمع المسلمون على تحريم إبدال آية أمثال بآية أحكام.