للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا شربت ترياقا قال: أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل تعس»

أي من جهة تعسي، فخرج به ما قاله حاكيا وعن غيره لا عن نفسه، كما في الصحيح صدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد.

ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ...

وسيأتي الكلام على حديث ابن عمرو- رضي الله تعالى عنه- في المسألة الآتية.

قال الإمام إبراهيم الحربي، ولم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا تاما رويته بل إما الصدر كقول لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ........

أو العجز كقول طرفة:

............... ....... ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

فإن أنشد بيتا كاملا غيره كبيت العباس بن مرداس.

وروى البيهقي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط.

وروى ابن سعد عن الزهري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبنون المسجد:

هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا، وأطهر

قال: فكان الزهري يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا قد قيل قبله أو نوى ذاك إلا هذا.

قال العلماء- رحمهم الله تعالى-

وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجز كقوله:

هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت

وغيره محمول على أنه لم يقصده ولا يسمى شعرا إلا ما كان مقصودا، وكذا وقع في القرآن آيات موزونة، لأنها لم تقصد.

وقد قال أهل البديع: إن الانسجام هو أن يكون الكلام لخلوه من الانعقاد متحدرا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه، ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا، فمنه من بحر الطويل: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف/ ٢٩] ومن المديد وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا [هود/ ٣٧] .

ومن البسيط: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ [الأحقاف/ ٢٥] .

ومن الوافر: وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة/ ١٤] .