للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخروجها على الحق وليس المراد أنه يراه في الآخرة لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة فتراه جميع أمته من رآه في النوم ومن لم يره منهم فهذه ثلاثة ألفاظ: «فسيراني في اليقظة» ، «فكأنما رآني في اليقظة» ، «فقد رآني في اليقظة» .

قال ابن التين المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون بهذا مبشرا لكل من آمن به ولم يره إنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته قاله القزاز.

وقال المازري إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر وإن كان المحفوظ «فسيراني في اليقظة» احتمل أن يكون أراد أهل عصره ممن يهاجر إليه فإنه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أن يراه بعد ذلك في اليقظة، وأوحى- الله تعالى- بذلك إليه صلى الله عليه وسلم قال القاضي: قيل معناه سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وقيل معنى الرؤية في اليقظة أنه سيراه في الآخرة وتعقب بأن يراه في الآخرة جميع أمته من رآه في المنام ومن لم يره يعني فلا يبقى لخصوص رؤيته في المنام مزية، وأجاب القاضي باحتمال أن تكون رؤياه له في النوم على الصفة التي عرف بها ووصف عليها موجبة لتكرمته في الآخرة، وأن يراه رؤية خاصة من القرب منه أو الشفاعة له بعلو الدرجة ونحو ذلك من الخصوصيات قال ولا يبعد أن يعاقب الله بعض المذنبين يوم القيامة بمنع رؤية نبيه صلى الله عليه وسلم وحمله الشيخ أبي محمد بن أبي جمرة على محل آخر فذكر عن ابن عباس أو غيره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فبقي بعد أن استيقظ متفكرا في هذا الحديث فدخل على بعض أمهات المؤمنين ولعلها خالته ميمونة فأخرجت له المرآة التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فنظر فيها فرأى صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ير صورة نفسه ونقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك وهذا نوع من الكرامات.

قال شيخنا في شرح الترمذي وأكثر من يقع له ذلك إنما يقع قرب نومه أو عند الاحتضار، ويكرم الله سبحانه وتعالى به من يشاء.

قال الحافظ وهذا مشكل جدا، ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعا جما رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة، وخبر الصادق لا يتخلف.

قال مؤلفه محمد بن يوسف- رحمه الله تعالى-: أما ما ذكره من أنه لو حمل على ظاهره لكان هو لأصحابه فقد تقدم في قول الغزالي أن المراد بقوله فسيراني في اليقظة ليس المراد جسمي وبدني إلى آخر ما ذكره.