للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ذكره الحاكم، قال في الامناع في ذلك إشكالان.

أحدهما: ما ثبت في الحديث أنّ حمزة وعبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزوميّ أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم

وفي صحيح مسلم عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله، مالك تتوّق في قريش وتدعنا؟ قال: وعندكم شيء؟

قلت: نعم، بنت حمزة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لا تحلّ لي، إنها ابنة أخي من الرّضاعة» .

وجه الإشكال أنّ حمزة إذا كان أسنّ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأربع سنين، كيف يصحّ أن تكون ثويبة أرضعتهما معا، والحديث صحيح فهو مقدّم على غيره إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين، ويؤيّد ذلك قول البلاذريّ: وكانت ثويبة مولاة أبي لهب، أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم أيّاما قلائل قبل أن تأخذه حليمة من لبن ابن لها، يقال: له: مسروح، وأرضعت قبله حمزة بن عبد المطلّب، وأرضعت بعده أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزوميّ، وبهذا ينحلّ الإشكال، والله تعالى أعلم.

الإشكال الثّاني: إنّه قد اشتهر أن عبد المطلب بن هاشم نذر إن آتاه الله عشرةً من الولد ذكورا، لينحرن أحدهم عند الكعبة، كما سبق بيان ذلك، لكن يزيل الإشكال ما رواه البلاذريّ من طريقين عن محمد بن عمر الأسلمي قال: سألت عبد الله بن جعفر متى كان حفر عبد المطلب زمزم؟ فقال: وهو ابن أربعين سنة، قلت: فمتى أراد ذبح ولده؟ قال: بعد ذلك بثلاثين سنة، قلت: قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أجل، وقبل مولد حمزة استشهد بأحد وهو ابن أربع وخمسين، وتقدّم ذكره مبسوطا في غزوتها.

والعبّاس أسلم وحسن إسلامه، وهاجر إلى المدينة وكان له عشر من الذّكور لهم صحبة، وثلاث إناث، الفضل، وهو أكبر أولاده، وبه كان يكنى، وعبد الله، وهو الحبر، وعبيد الله وكان جوادا، وقثم، ومعبد، وأم حبيب، وأمّهم واحدة، وعبد الرّحمن، وكثير، وتمام، وأمهم روميّة، قالوا: ما رأينا بني أم قط تباعدت قبورهم كتباعد قبور بني أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى، فقبض الفضل بالشّام باليرموك، وعبد الله بالطّائف، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، ومعبد بإفريقيّة، وكان أيسر بني هاشم، وكان له ثوب لعاري بني هاشم، وجفنة لجائعهم، ويقظة لجاهلهم كان يمنع الجار، ويبذل المال، ويعطي في النوائب، وكان نديمه في الجاهلية أبا سفيان بن حرب، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم العقبة ليستوثق، ولم يسلم يومئذ، ثم أسلم بعد ذلك، واختلف في وقت إسلامه فروي أنّه أسلم قبل بدر، ولكنّه كان يكتم إيمانه، وقيل: أسلم بعد وقعة خيبر، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فتح مكّة وحنينا والطائف، وثبت معه يوم حنين، وأبو طالب بن عبد مناف شقيق عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم