نساء أهل الجنة. والحديث الأول- يدلّ على تفضيلها على أمها،
وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: «فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها»
، وفي الصحيح من حديث علي- رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً خير نساء أهل زمانها مريم بنت عمران، خير نساء زمانها خديجة بنت خويلد،
أي خير نساء الدنيا، فهذا يقتضي أن مريم وخديجة أفضل النساء مطلقا، فمريم أفضل نساء أهل زمانها وخديجة أفضل نساء زمانها، وليس فيه تعرّض لفضل إحداهما على الأخرى.
وقد علمت أنّ مريم اختلف في نبوّتها، فإن كانت نبيّة فهي أفضل، وإن لم تكن نبيّة فالأقرب أنها أفضل لذكرها في القرآن، وشهادته بصدّيقيّتها. وأمّا بقية الأزواج فلا يبلغن هذه الرتبة وإن كنّ خير نساء الأمة بعد هؤلاء الثلاث، وهن متقاربات في الفضل، لا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تعالى، لكنّا نعلم لحفصة بنت عمر- رضي الله تعالى عنها- من الفضائل كثيرا، فما أشبه أن تكون هي بعد عائشة. انتهى كلام السّبكيّ والكلام في التفضيل صعب، فلا ينبغي التكلّم إلا بما ورد، والسّكوت عما سواه وحفظ الأدب.
قال شيخنا: ولم يتعرض للتفضيل بين مريم، وفاطمة، والذي اختاره تفضيل فاطمة، في مسند الحارث بن أسامة بسند صحيح لكنه مرسل مريم خير نساء عالمها، وفاطمة خير نساء عالمها. أخرجه الترمذيّ موصولا من حديث علي- رضي الله تعالى عنه- خير نسائها مريم، وخير نسائها فاطمة، قال الحافظ ابن حجر: والمرسل يعضّد المتّصل.
وروى النسائي عن حذيفة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «هذا ملك من الملائكة استأذن ربّه ليسلّم علي ويبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة، وأمّهما سيدة نساء أهل الجنة.
انتهى كلام الشيخ- رحمه الله تعالى- في شرحه لنظم جمع الجوامع، وقال في كتابه: (إتمام الدراية) : ونعتقد أن أفضل النّساء مريم بنت عمران، وفاطمة بنت محمد، ثم أورد حديث عليّ، وحديث حذيفة السّابقين، ثم قال: في ذلك دلالة على تفضيلها على مريم بنت عمران، خصوصا إذا قلنا بالأصح: إنها ليست نبيّة، وقد تقدر إن هذه الأمة أفضل من غيرها.
قلت: وحاصل الكلام السابق أن السّبكي اختار أن السيدة فاطمة أفضل من أمّها، وأنّ أمّها أفضل من عائشة، وأن مريم أفضل من خديجة، واختار شيخنا أن فاطمة أفضل من مريم، وقال القاضي قطب الدين الخضريّ- رحمه الله تعالى- في الخصائص- بعد أن ذكر في التفضيل بين خديجة ومريم، إذا علمت ذلك فينبغي أن يستثنى من إطلاق التفضيل سيدتنا فاطمة ابنة رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فهي أفضل نساء العالم،
لقوله: - صلى الله عليه وسلم- فاطمة بضعة مني
ولا يعدل ببضعة رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أحد، وسئل الإمام أبو بكر عمر ابن إمام أهل الظّاهر داود: هل