رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، قالوا: أين يدفن؟ قال: حيث قبض، فإنّه الله تعالى لم يقبضه إلا ببقعة طيبة، فعلموا أنّه كما قال، ثم قال، فقال: عندكم فاغسلوه، فأمرهم يغسّلونه ثمّ خرج واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا: انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار فإنّ لهم من هنا نصيبا، فانطلقوا، فقال: رجل من الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير، فأخذ عمر- رضي الله تعالى عنه- بيد أبي بكر فقال أخبروني من له هذه الثلاثة ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا [التوبة ٤٠] من صاحبه؟ فأخذ بيد أبي بكر فضرب عليها وقال للناس:
بايعوه فبايعوه بيعة حسنة جميلة» .
وروى ابن الجوزي في المنتظم عن زيد بن أرقم قال: كان لأبي بكر الصديق مملوك يغل عليه، فأتاه ليلة بطعام، فتناول منه لقمة، فقال له المملوك: ما لك كنت تسألني عن كلّ ليلة، ولم تسألني الليلة؟ فقال: حملني على ذلك الجوع، من أين جئت بهذا؟ قال: مررت بقوم في الجاهليّة فرقيت لهم فوعدوني فلما كان من اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني فقال له: إن كدتّ تهلكني فأدخل يده في حلقه، وجعل يتقيّأ، وجعلت لا تخرج، فقيل له: إن هذه لا تخرج إلا بالماء، فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيّا حتى رمى بها، فقيل له: يرحمك الله كلّ هذا من أجل هذه اللّقمة؟ قال: لولا تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها،
سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول:«كل جسد نبت من سحت» فالنار أولى به
فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة، وكان يسمى الأوّاه، لرأفته ورحمته،
فصعد علي على المنبر، وقال: ألا أن أبا بكر أوّاه منيب القلب.
وقال قيس: رأيت أبا بكر آخذا بطرف لسانه، وهو يقول: هذا أورد في الموارد وقال أبو بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه-: يا ليتني كنت شجرة تقطع ثم تؤكل» . وقال عمران الجوني: قال أبو بكر: «لوددتّ أنّي شجرة في جنب عبد مؤمن» [ (١) ] .
وروى الطبراني- ورجاله رجال الصحيح- عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا بعث رجلا منكم قرنه برجل منّا، فنحن نرى أن يلي هذا الأمر رجلان، رجل منكم، ورجل منا، فقام زيد بن ثابت فقال إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان من المهاجرين، وكنّا أنصار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنحن أنصار من يقوم مقامه، فقال: أبو بكر الصديق: جزاكم الله خيرا من حيّ، يا معشر الأنصار، وثبت قائلكم والله لو قلتم غير ذلك ما صالحناكم.
وروى الطبراني عن عيسى بن عطية، قال: قام أبو بكر الصديق حين بويع، فخطب النّاس